هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تابع كتاب الأغاني

    djalal-dz
    djalal-dz
    النائب العام للمدير
    النائب العام للمدير


    عدد الرسائل : 726
    تاريخ التسجيل : 29/04/2008

    تابع كتاب الأغاني Empty تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  djalal-dz 26/5/2008, 02:58

    الأغاني - (ج 1 / ص 15)
    ثانياً من زمام وجناء عنسٍ ... قانياً لونها يخال خضابا
    جدها الفالج الأشم من البخ ... ت وخالاتها انتخبن عرابا
    الشعر لعمر بن أبي ربعية. والغناء لابن سريج، وله فيه لحنان: رملٌ بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق، وخفيف ثقيل أول بالبنصر عن عمرو.
    صوت
    منع الحياة من الرجال ونفعها ... حدقٌ تقلبها النساء مراض
    وكأن أفئدة الرجال إذا رأوا ... حدق النساء لنبلها أغراض
    الشعر للفرزدق، والغناء لمعبدٍ ثقيلٌ أول عن الهشامي: أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن سياطٍ قال حدثني يونس الكاتب قال:
    رحلة معبد إلى الأهواز
    وما وقع بينه وبين الجواري المغنيات بالسفينة كان معبد قد علم جاريةً من جواري الحجاز الغناء - تدعى " ظبية: - وعني بتخريجها، فاشتراها رجلٌ من أهل العراق فأخرجها إلى البصرة وباعها هناك، فاشتراها رجلٌ من أهل الأهواز، فأعجب بها وذهبت به كل مذهب وغلبت عليه، ثم ماتت بعد أن أقامت عنده برهة من الزمان وأخذ جواريه أكثر غنائها عنها، فكان لمحبته إياها وأسفه عليها لا يزال يسأل عن أخبار معبدٍ وأين مستقره، ويظهر التعصب له والميل إليه والتقديم لغنائه على سائر أغاني أهل عصره إلى أن عرف ذلك منه. وبلغ معبداً خبره، فخرج من مكة حتى أتى البصرة، فلما وردها صادف الرجل قد خرج عنها في ذلك اليوم إلى الأهواز فاكترى سفينةً. وجاء معبدٌ يلتمس سفينةً ينحدر فيها إلى الأهواز، فلم يجد غير سفينة الرجل، وليس يعرف أحد منهما صاحبه، فأمر الرجل الملاح أن يجلسه معه في مؤخر السفينة ففعل وانحدروا. فلما صاروا في فم نهر الأبلة تغدوا وشربوا، وأمر جواريه فغنين، ومعبدٌ ساكتٌ وهو في ثياب السفر، وعليه فروٌ وخفان غليظان وزيٌ جافٍ من زي أهل الحجاز، إلى أن غنت إحدى الجواري:
    صوت
    بانت سعاد وأمسى حبلها انصرما ... واحتلت الغور فالأجزاع من إضما
    إحدى بليٍّ وما هام الفؤاد بها ... إلا السفاه وإلا ذكرةً حلما
    - قال حماد: والشعر للنابغة الذبياني. والغناء لمعبد، خفيف ثقيل أول بالبنصر، وفيه لغيره ألحانٌ قديمة ومحدثة - فلم تجد أداءه، فصاح بها معبد: يا جارية، إن غناءك هذا ليس بمستقيم. قال: فقال له مولاها وقد غضب: وأنت ما يدريك الغناء ما هو؟ ألا تمسك وتلزم شأنك! فأمسك. ثم غنت أصواتاً من غناء غيره وهو ساكتٌ لا يتكلم، حتى غنت:
    صوت
    بابنة الأزدي قلبي كئيب ... مستهامٌ عندها ما ينيب
    ولقد لاموا فقلت دعوني ... إن من تنهون عنه حبيب
    إنما أبلى عظامي وجسمي ... حبها والحب شيء عجيب
    أيها العائب عندي هواها ... أنت تفدي من أراك تعيب
    - والشعر لعبد الرحمن بن أبي بكر، والغناء لمعبد ثقيلٌ أول بالسبابة في مجرى البنصر - قال: فأخلت ببعضه. فقال لها معبدٌ: يا جارية، لقد أخللت بهذا الصوت إخلالاً شديداً. فغضب الرجل وقال له: ويلك! ما أنت والغناء! ألا تكف عن هذا الفضول! فأمسك. وغنى الجواري ملياً، ثم غنت إحداهن:
    صوت
    خليلي عوجا فابكيا ساعةً معي ... على الربع نقضي حاجةً ونودع
    ولا تعجلاني أن ألم بدمنةٍ ... لعزة لاحت لي ببيداء بلقع
    وقولا لقلبٍ قد سلا: راجع الهوى ... وللعين: أذري من دموعك أودعي
    فلا عيش إلا مثل عيشٍ مضى لنا ... مصيفاً أقمنا فيه من بعد مربع

    الأغاني - (ج 1 / ص 16)
    - الشعر لكثير، والغناء لمعبد خفيف ثقيلٍ بالسبابة في مجرى الوسطى، وفيه رملٌ للغريض - قال: فلم تصنع فيه شيئاً. فقال لها معبد: يا هذه، أما تقوين على أداء صوت واحد؟ فغضب الرجل وقال له: ما أراك تدع هذا الفضول بوجهٍ ولا حيلةٍ! وأقسم بالله لئن عاودت لأخرجنك من السفينة، فأمسك معبدٌ، حتى إذا سكتت الجواري سكتةً اندفع يغني الصوت الأول حتى فرغ منه، فصاح الجواري: أحسنت والله يا رجل! فأعده. فقال: لا والله ولا كرامة. ثم اندفع يغني الثاني، فقلن لسيدهن: ويحك! هذا والله أحسن الناس غناءً، فسله أن يعيده علينا ولو مرةً واحددة لعلنا نأخذه عنه، فإنه إن فاتنا لم نجد مثله أبداً. فقال: قد سمعتن سوء رده عليكن وأنا خائف مثله منه، وقد أسلفنا الإساءة، فاصبرن حتى نداريه. ثم غنى الثالث، فزلزل عليهم الأرض. فوثب الرجل فخرج إليه وقبل رأسه وقال: يا سيدي أخطأنا عليك ولم نعرف موضعك. فقال له: فهبك لم تعرف موضعي، قد كان ينبغي لك أن تتثبت ولا تسرع إلي بسوء العشرة وجفاء القول. فقال له: قد أخطأت وأنا أعتذر إليك مما جرى، وأسألك أن تنزل إلي وتختلط بي. فقال: أما الآن فلا. فلم يزل يرفق به حتى نزل إليه. فقال له الرجل: ممن أخذت هذا الغناء؟ قال: من بعض أهل الحجاز، فمن أين أخذه جواريك؟ فقال: أخذنه من جارية كانت لي ابتاعها رجل من أهل البصرة من مكة، وكانت قد أخذت عن أبي عباد معبدٍ وعني بتخريجها، فكانت تحل مني محل الروح من الجسد، ثم استأثر الله عز وجل بها، وبقي هؤلاء الجواري وهن من تعليمها، فأنا إلى الآن أتعصب لمعبد وأفضله على المغنين جميعاً وأفضل صنعته على كل صنعة. فقال له معبد: أو إنك لأنت هو! أفتعرفني؟ قال: لا. قال: فصك معبدٌ بيده صلعته ثم قال: فأنا والله معبدٌ، وإليك قدمت من الحجاز، ووافيت البصرة ساعة نزلت السفينة لأقصدك بالأهواز، ووالله لا قصرت في جواريك هؤلاء، ولأجعلن لك في كل واحدة منهن خلفاً من الماضية. فأكب الرجل والجواري على يديه ورجليه يقبلونها ويقولون: كتمتنا نفسك طول هذا " اليوم " حتى جفوناك في المخاطبة، وأسأنا عشرتك، وأنت سيدنا ومن نتمنى على الله أن نلقاه. ثم غير الرجل زيه وحاله وخلع عليه عدة خلع، وأعطاه في وقته ثلثمائة دينار وطيباً وهدايا بمثلها، وانحدر معه إلى الأهواز، فأقام عنده حتى رضي حذق جواريه وما أخذته عنه، ثم ودعه وانصرف إلى الحجاز.
    غناء معبد للوليد بن يزيد
    أخبرني الحسن بن علي الخفاف وعبد الباقي بن قانع قالا: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال حدثني مهدي بن سابق قال حدثني سليمان بن غزوان مولى هشام قال حدثني عمر القاري بن عيد قال: قال الوليد بن يزيد يوماً: لقد اشتقت إلى معبد، فوجه البريد إلى المدينة فأتى بمعبد، وأمر الوليد ببركةٍ قد هيئت له فملئت بالخمر والماء، وأتي بمعبد فأمر به فأجلس والبركة بينهما، وبينهما ستر قد أرخي، فقال له غنني يا معبد:
    صوت
    لهفي على فتية ذل الزمان لهم ... فما أصابهم إلا بما شاءوا
    مازال يعدو عليهم ريب دهرهم ... حتى تفانوا وريب الدهر عداء
    أبكى فراقهم عيني وأرقها ... إن التفرق للأحباب بكاء
    - الغناء لمعبد خفيف ثقيلٍ، وفيه ليحيى المكي رملٌ، ولسليمان هزجٌ، كلها رواية الهشامي - قال: فغناه إياه، فرفع الوليد الستر ونزع ملاءةً مطيبة كانت عليه وقذف نفسه في تلك البركة، فنهل فيها نهلةً، ثم أتي بأثوابٍ غيرها وتلقوه بالمجامر والطيب، ثم قال غنني:
    صوت
    يا ربع مالك لا تجيب متيما ... قد عاج نحوك زائراً ومسلما
    جادتك كل سحابةٍ هطالةٍ ... حتى ترى عن زهرةٍ متبسما
    - الغناء لمعبدٍ ثاني ثقيلٍ بالوسطى والخنصر عن ابن المكي. وفيه لعلوية ثاني ثقيلٍ آخر بالبنصر في مجراها عنه - قال: فغناه فدعا له بخمسة عشر ألف دينارٍ فصبها بين يديه، ثم قال: انصرف إلى أهلك واكتم ما رأيت.
    وأخبرني بهذا الخبر عمي فجاء ببعض معانيه وزاد فيه ونقص، قال: حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال حدثني سليمان بن سعد الحلبي قال:

    الأغاني - (ج 1 / ص 17)
    سمعت القاري بن عدي يقول: إشتاق الوليد بن يزيد إلى معبد، فوجه إليه إلى المدينة فأحضر. وبلغ الوليد قدومه، فأمر ببركةٍ بين يدي مجلسه فملئت ماء وردٍ قد خلط بمسك وزعفران، ثم فرش للوليد في داخل البيت على حافة البركة، وبسط لمعبد مقابله على حافة البركة، ليس معهما ثالثٌ، وجيء بمعبد فرأى ستراً مرخى ومجلس رجل واحد. فقال له الحجاب: يا معبد، سلم على أمير المؤمنين واجلس في هذا الموضع؛ فسلم فرد عليه الوليد السلام من خلف الستر، ثم قال له: حياك الله يا معبد! أتدري لم وجهت إليك؟ قال: الله أعلم وأمير المؤمنين. قال: ذكرتك فأحببت أن أسمع منك. قال معبد: أأغني ما حضر أم ما يقترحه أمير المؤمنين؟ قال: بل غنني:
    مازال يعدو عليهم ريب دهرهم ... حتى تافنوا وريب الدهر عداء
    فغناه، فما فرغ منه حتى رفع الجواري السجف، ثم خرج الوليد فألقى نفسه في البركة فغاص فيها ثم خرج منها، فاستقبله الجواري بثيابٍ غير الثياب الأولى، ثم شرب وسقى معبداً، ثم قال له: غنني يا معبد:
    يا ربع مالك لا تجيب متيما ... قد عاج نحوك زائراً ومسلما
    جادتك كل سحابة هطالة ... حتى ترى عن زهرةٍ متبسما
    لو كنت تدري من دعاك أجبته ... وبكيت من حرقٍ عليه إذاً دما
    قال: فغناه، وأقبل الجواري فرفعن الستر، وخرج الوليد فالقى نفسه في البركة فغاص فيها ثم خرج، فلبس ثياباً غير تلك، ثم شرب وسقى معبداً، ثم قال له: غنني. فقال: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال غنني:
    عجبت لما رأتني ... أندب الربع المحيلا
    واقفاً في الدار أبكي ... لا أرى إلا الطلولا
    كيف تبكي لأناسٍ ... لا يملون الذميلا؟
    كلما قلت اطمأنت ... دارهم قالوا الرحيلا
    قال: فلما غناه رمى نفسه في البركة ثم خرج، فردوا عليه ثيابه، ثم شرب وسقى معبداً، ثم أقبل عليه الوليد فقال له: يا معبد، من أراد أن يزداد عند الملوك حظوةً فليكتم أسرارهم. فقلت: ذلك ما لا يحتاج أمير المؤمنين إلى إيصائي به. فقال: يا غلام، احمل إلى معبدٍ عشرة آلاف دينار تحصل له في بلده وألفي دينار لنفقة طريقه، فحملت إليه كلها، وحمل على البريد من وقته إلى المدينة.
    خبر معبد مع رجل لم يستحسن غناءه
    قال إسحاق: وقال معبد: أرسل إلي الوليد بن يزيد فأشخصت إليه. فبينا أنا يوماً في بعض حمامات الشأم إذ دخل علي رجل له هيبة ومعه غلمانٌ له، فأطلى واشتغل به صاحب الحمام عن سائر الناس. فقلت: والله لئن لم أطلع هذا على بعض ما عندي لأكونن بمزجر الكلب؛ فاستدبرته حيث يراني ويسمع مني، ثم ترنمت، فالتفت إلي وقال للغلمان: قدموا إليه " جميع " ما ها هنا، فصار جميع ما كان بين يديه عندي. قال: ثم سألني أن أسير معه إلى منزله فأجبته، فلم يدع من البر والإكرام شيئاً إلا فعله، ثم وضع النبيذ، فجعلت لا آتي بحسنٍ إلا خرجت إلى ما هو أحسن منه وهو لا يرتاح ولا يحفل لما يرى مني. فلما طال عليه أمري قال: يا غلام، شيخنا شيخنا، فأتي بشيخ، فلما رآه هش إليه، فأخذ الشيخ العود ثم اندفع يغني:
    سلور في القدر ويلي علوه ... جاء القط أكله ويلي علوه
    السلور: السمك الجري بلغة أهل الشأم - قال: فجعل صاحب المنزل يصفق ويضرب برجله طرباً وسروراً. قال: ثم غناه:
    وترميني حبيبة بالدراقن ... وتحسبني حبيبة لا أراها
    - الدراقن: اسم الخوخ بلغة أهل الشأم - فكاد أن يخرج من جلده طرباً. قال: وانسللت منهم فانصرفت ولم يعلم بي. فما رأيت مثل ذلك اليوم غناءً أضيع، ولا شيخاً أجهل!
    معبد وابن عائشة
    قال إسحاق: وذكر لي شيخٌ من أهل المدينة عن هارون بن سعد: أن ابن عائشة كان يلقي عليه وعلى ربيحة الشماسية، فدخل معبدٌ فألقى عليهما صوتاً، فاندفع ابن عائشة يغنيه وقد أخذه منه؛ فغضب معبد وقال: أحسنت يابن عاهرة الدار، تفاخرني! فقال: لا والله - جعلني الله فداءك يا أبا عباد - ولكني أقتبس منك، وما أخذته إلا عنك، ثم قال: أنشدك الله يابن شماس، هل قلت لك: قد جاء أبو عباد فاجمع بيني وبينه أقتبس منه. قال: اللهم نعم.
    أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال:

    الأغاني - (ج 1 / ص 18)
    قيل لابن عائشة، وقد غنى صوتاً أحسن فيه فقال: أصبحت أحسن الناس غناءً، فقيل له: وكيف أصبحت أحسن الناس غناءً؟ قال: وما يمنعني من ذلك وقد أخذت من أبي عباد أحد عشر صوتاً، وأبو عباد مغني أهل المدينة والمقدم فيهم! أخبرنا وكيعٌ قال حدثنا حماد بن إسحاق قال حدثني أبي قال حدثني أيوب بن عباية عن رجل من هذيل قال:
    قدومه مكة والتقاؤه بالمغنين بها
    قال معبد: غنيت فأعجبني غنائي وأعجب الناس وذهب لي به صيت وذكر، فقلت لآتين مكة فلأسمعن من المغنين بها ولأغنينهم ولأتعرفن إليهم، فابتعت حماراً فخرجت عليه إلى مكة. فلما قدمتها بعت حماري وسألت عن المغنين أين يجتمعون؟ فقيل: بقعيقعان في بيت فلان، فجئت إلى منزله بالغلس فقرعت الباب، فقال: من هذا. فقلت: انظر عافاك الله! فدنا وهو يسبح ويستعيد كأنه يخاف، ففتح فقال: من أنت عافاك الله؟ قلت: رجلٌ من أهل المدينة. قال: فما حاجتك؟ قلت: أنا رجلٌ أشتهي الغناء، وأزعم أني أعرف منه شيئاً، وقد بلغني أن القوم يجتمعون عندك، وقد أحببت أن تنزلني في جانب منزلك وتخلطني بهم، فإنه لا مئونة عليك ولا عليهم مني. فلوى شيئاً ثم قال: انزل على بركة الله. قال: فنقلت متاعي فنزلت في جانب حجرته. ثم جاء القوم حين أصبحوا واحداً بعد واحدٍ حتى اجتمعوا، فأنكروني وقالوا: من هذا الرجل؟ قال: رجلٌ من أهل المدينة خفيفٌ يشتهي الغناء ويطرب عليه، ليس عليكم منه عناءٌ ولا مكروه. فرحبوا بي وكلمتهم، ثم انبسطوا وشربوا وغنوا، فجعلت أعجب بغنائهم وأظهر ذلك لهم ويعجبهم مني، حتى أقمنا أياماً، وأخذت من غنائهم وهم لا يدرون أصواتاً وأصوتاً وأصواتاً. ثم قلت لابن سريجٍ: أي فديتك! أمسك علي صوتك:
    قل لهندٍ وتربها ... قبل شحط النوى غدا
    قال: أو تحسن شيئاً؟ قلت: تنظر، وعسى أن أصنع شيئاً، واندفعت فيه فغنيته، فصاح وصاحوا وقالوا: أحسنت قاتلك الله! قلت: فأمسك علي صوت كذا فأمسكوه علي، فغنيته، فازدادوا عجباً وصياحاً.
    فما تركت واحداً منهم إلا غنيته من غنائه أصواتاً قد تخيرتها. قال: فصاحوا حتى علت أصواتهم وهرفوا بي وقالوا: لأنت أحسن بأداءٍ غنائنا عنا منا. قال: قلت: فأمسكوا علي " ولا تضحكوا بي حتى تسمعوا من غنائي " ، فأمسكوا علي؛ فغنيت صوتاً من غنائي فصاحوا بي، ثم غنيتهم آخر وآخر فوثبوا إلي وقالوا: نحلف بالله إن لك لصيتاً واسماً وذكراً، وإن لك فيما هاهنا لسهماً عظيماً، فمن أنت؟ قلت: أنا معبد. فقبلوا رأسي وقالوا: لفقت علينا وكنا نتهاون بك ولا نعدك شيئاً وأنت أنت. فأقمت عندهم شهراً آخذ منهم ويأخذون مني، ثم انصرفت إلى المدينة.
    نسبة هذا الصوت صوت
    قل لهندٍ وتربها ... قبل شحط النوى غدا
    إن تجوي فطالما ... بت ليلي مسهدا
    أنت في ود بيننا ... خير ما عندنا يدا
    حين تدلي مضفراً ... حالك اللون أسوادا
    الشعر لعمر بن أبي ربيعة، والغناء لابن سريج عن حماد ولم يجنسه. وفيه لمالك خفيف ثقيلٍ أول بالبنصر في مجراها عن إسحاق. وقال الهشامي: فيه لابن محرز خفيف ثقيلٍ بالوسطى.
    ومن الثلاثة الأصوات المختارة
    صوت فيه أربعة ألحانٍ من رواية علي بن يحيى
    ثاني الثلاثة الأصوات المختارة
    تشكى الكميت الجري لما جهدته ... وبين لو يسطيع أن يتكلما
    لذلك أدني دون خيلي مكانه ... وأوصي به ألا يهان ويكرما
    فقلت له: إن ألق للعين قرةً ... فهان علي أن تكل وتسأما
    عدمت إذاً وفري وفارقت مهجتي ... لئن لم أقل قرناً إن الله سلما
    عروضه من الطويل. قوله: (لئن لم أقل قرنا)، يعني أنه يجد في سيره حتى يقيل بهذا الموضع، وهوقرن المنازل، وكثيراً ما يذكره في شعره.
    الشعر لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، والغناء في هذا اللحن المختار لابن سريج، ثاني ثقيل مطلقٍ في مجرى الوسطى. وفيه لإسحاق أيضاً ثاني ثقيلٍ بالبنصر عن عمرو بن بانة. وفيه ثقيلٌ أول يقال إنه ليحيى المكي. وفيه خفيف رملٍ يقال إنه لأحمد بن موسى المنجم. وفيه للمعتضد ثاني ثقيلٍ آخر في نهاية الجودة. وقد كان عمرو بن بانة صنع فيه لحناً فسقط لسقوط صنعته.
    djalal-dz
    djalal-dz
    النائب العام للمدير
    النائب العام للمدير


    عدد الرسائل : 726
    تاريخ التسجيل : 29/04/2008

    تابع كتاب الأغاني Empty رد: تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  djalal-dz 26/5/2008, 03:01

    الأغاني - (ج 1 / ص 19)
    أخبرني جحظة قال حدثني أبو عبد الله الهشامي قال: صنع عمرو بن بانة لحناً في " تشكي الكميت الجري " فأخبرني بعض عجائزنا بذلك، قالت فأردنا أن نعرضه على متيم لنعلم ما عندها فيه، فقلنا لبعض من أخذه عن عمرو: إن " تشكى الكميت الجري " في اللحن الجديد، فقالت متيم: أيش هذا اللحن الجديد والكميت المحدث؟ قلنا: لحنٌ صنعه عمرو بن بانة. فغنته الجارية، فقالت متيم لها: اقطعي اقطعي، حسبك حسبك هذا! والله لحمار حنينٍ المكسور أشبه مه بالكميت.
    ذكر خبر عمر بن أبي ربعية ونسبه
    نسب عمر بن أبي ربيعة
    هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، واسم أبي ربيعة: حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر. وقد تقدم باقي النسب في نسب أبي قطيفة. ويكنى عمر بن أبي ربيعة " أبا الخطاب " . وكان أبو ربيعة جده يسمى " ذا الرمحين " سمي بذلك لطوله، كان يقال: كأنه يمشي على رمحين.
    أخبرني بذلك الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثني عمي ومحمد بن الضحاك عن أبيه الضحاك عن عثمان بن عبد الرحمن اليربوعي. وقيل: إنه قاتل يوم عكاظ برمحين فسمي " ذا الرمحين " لذلك.
    وأخبرني بذلك أيضاً علي بن صالح بن الهيثم قال حدثني أبو هفان عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب العيب عليكري والمدائني والمسيبي ومحمد بن سلام، قالوا: وفيه يقول عبد الله بن الزبعرى:
    ألا لله قومٌ و ... لدت أخت بني سهم
    هشامٌ وأبو عبد ... منافٍ مدرة الخصم
    وذو الرمحين أشباك ... على القوة والحزم
    فهذان يذودان ... وذا من كثبٍ يرمي
    أسودٌ تزدهي الأقرا ... ن مناعون للهضم
    وهم يوم عكاظٍ م ... نعوا الناس من الهزم
    وهم من ولدوا أشبوا ... بسر الحسب الضخم
    فإن أحلف وبيت الل ... ه لا أحلف على إثم
    لما من إخوةٍ بين ... قصور الشأم والردم
    بأزكى من بني ريط ... ة أو أوزن في الحلم
    أبو عبد مناف: الفاكه بن المغيرة. وريطة هذه التي عناها هي أم بني المغيرة، وهي بنت سعيد بن سعد بن سهم، ولدت من المغيرة هشاماً وهاشماً ربيعة والفاكه.
    وأخبرني أحمد بن سليمان بن داود الطوسي والحرمي بن أبي العلاء قالا: حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثنا محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي ثابت قال أخبرني محمد بن عبد العزيز عن ابن أبي نهشلٍ عن أبيه قال: قال لي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - وجئته أطلب منه مغرماً - يا خال، هذه أربعة آلاف درهم وأنشد هذه الأبيات الأربعة وقل: سمعت حسان ينشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: أعوذ بالله أن أفتري على الله ورسوله، ولكن إن شئت أن أقول: سمعت عائشة تنشدها فعلت. فقال: لا، إلا أن تقول: سمعت حسان ينشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فأبى علي وأبيت عليه، فأقمنا لذلك لا نتكلم عدة ليالٍ. فأرسل إلي فقال: قل أبياتاً تمدح بها هشاماً - يعني ابن المغيرة - وبني أمية. فقلت: سمهم لي، فسماهم وقال: اجعلها في عكاظ واجعلها لأبيك. فقلت:
    ألا لله قومٌ و ... لدت أخت بني سهم
    قال: ثم جئت فقلت: هذه قالها أبي. فقال: لا، ولكن قل: قالها ابن الزبعري. قال: فهي إلى الآن منسوبةٌ في كتب الناس إلى ابن الزبعري.
    قال العيب عليكر: وأخبرني محمد بن الحسن المخزومي قال: أخبرني محمد بن طلحة أن عمر بن أبي ربيعة قائل هذه الأبيات:
    ألا لله قوم و ... لدت أخت بني سهم
    أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني عبد العزيز بن عمران قال حدثني محمد بن عبد العزيز عن ابن أبي نهشلٍ عن أبيه بمثل ما رواه العيب عليكر عنه. وزاد فيه عمر بن شبة: قال محمد بن يحيى: و " أخت بني سهم التي عناها ريطة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، وهي أم بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهم: هشام وهاشمٌ وأبو ربيعة والفاكه، وعدةٌ غيرهم لم يعقبوا، وإياهم يعني أبو ذؤيب بقوله:

    الأغاني - (ج 1 / ص 20)
    صخب الشوارب لا يزال كأنه ... عبدٌ لآل أبي ربيعة مسبع
    ضرب بعزهم المثل. " قال " : وكان اسم عبد الله بن أبي ربيعة في الجاهلية بحيراً، فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله، وكانت قريش تلقبه " العدل " ، لأن قريشاً كانت تكسو الكعبة في الجاهلية بأجمعها من أموالها سنةً، ويكسوها من ماله سنةً، فأرادوا بذلك أنه وحده عدلٌ لهم جميعاً في ذلك.
    وفيه يقول ابن الزبعري:
    بحير بن ذي الرمحين قرب مجلسي ... وراح علي خيره غير عاتم
    وقد قيل: إن العدل هو الوليد بن المغيرة.
    وكان عبد الله بن أبي ربيعة تاجراً موسراً، وكان متجره إلى اليمن، وكان من أكثرهم مالاً. وأمه أسماء بنت مخربة، وقيل: مخرمة، وكانت عطارة يأتيها العطر من اليمن. وقد تزوجها هشام بن المغيرة أيضاً، فولدت له أبا جهل والحارث ابني هشام، فهي أمهما وأم عبد الله وعياش ابني أبي ربيعة.
    أخبرني الحرمي والطوسي قال: حدثنا العيب عليكر قال حدثني عمي عن الواقدي قال: كانت أسماء بنت مخربة تبيع العطر بالمدينة. فقالت الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية - وكان أبوها قتل أبا جهل بن هشام يوم بدر واحتز رأسه عبد الله بن مسعود - وقيل: بل عبد الله بن مسعود هو الذي قتله - فذكرت أن أسماء بنت مخربة دخلت عليها وهي تبيع عطراً لها في نسوةٍ، قالت: فسألت عنا، فانتسبنا لها. فقالت: أأنت ابنة قاتل سيده؟ تعني أبا جهل. قلت: بل أنا بنت قاتل عبده. قالت: حرامٌ علي أن أبيعك من عطري شيئاً. قلت: وحرامٌ علي أن أشتري منه شيئاً، فما وجدت لعطرٍ نتناً غير عطرك، ثم قمت، ولا والله ما رأيت عطراً أطيب من عطرها، ولكني أردت أن أعيبه لأغيظها.
    وكان لعبد الله بن أبي ربيعة عبيدٌ من الحبشة يتصرفون في جميع المهن، وكان عددهم كثيراً، فروي عن سفيان بن عيينة أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى حنين: هل لك في حبش بني المغيرة تستعين بهم؟ فقال: " لا خير في الحبش إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين إطعام الطعام والبأس يوم البأس " . واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي ربيعة على الجند ومخلفيها، فلم يزل عاملاً عليها حتى قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذا من رواية العيب عليكر عن عمه. قال: وحدثني ابن الماجشون عن عمه أن عثمان بن عفان - رحمه الله - استعمله أيضاً عليها.
    أم عمر بن أبي ربيعة وأخوه الحارث
    الملقب بالقباع
    وأم عمر بن أبي ربيعة أم ولدٍ يقال لها " مجد " ، سبيت من حضرموت، ويقال من حمير. قال أبو محلم ومحمد بن سلام: هي من حمير، ومن هناك أتاه الغزل، يقال: غزلٌ يمانٍ، ودل حجازي.
    وقال عمر بن شبة: أم عمر بن أبي ربيعة أم ولدٍ سوداء من حبشٍ يقال لهم: فرسان. وهذا غلط من أبي زيد، تلك أم أخيه الحارث بن عبد الله الذي يقال له: " القباع " ، وكانت نصرانيةً. وكان الحارث بن عبد الله شريفاً كريماً ديناً وسيداً من سادات قريش.
    قال العيب عليكر بن بكار: ذكره عبد الملك بن مروان يوماً وقد ولاه عبد الله بن العيب عليكر، فقال: أرسل عوفاً وقعد! " لا حر بوادي عوف " . فقال له يحيى بن الحكم: ومن الحارث ابن السوداء! فقال له عبد الملك: ما ولدت والله أمة خيراً مما ولدت أمه!.
    وأخبرني علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق بن إبراهيم عن العيب عليكر والمدائني والمسيبي: أن أمه ماتت نصرانية وكانت تسر ذلك منه. فحضر الأشراف جنازتها، وذلك في عهد عمر بن الخطاب - رحمة الله عليه - فسمع الحارث من النساء لغطاً، فسأل عن الخبر، فعرف أنها ماتت نصرانية وأنه وجد الصليب في عنقها، وكانت تكتمه ذلك. فخرج إلى الناس فقال: انصرفوا رحمكم الله، فإن لها أهل دينٍ هم أولى بها منا ومنكم فاستحسن ذلك منه وعجب الناس من فعله.
    نسبة ما في هذه الأخبار من الغناء الغناء في " ألا لله قوم " ... الأبيات صوت
    ألا لله قومٌ و ... لدت أخت بني سهم
    هشامٌ وأبو عبد ... منافٍ مدرة الخصم
    وذو الرمحين أشباك ... على القوة والحزم
    فهذان يذودان ... وذا من كثب يرمي
    عروضه من مكفوف الهزج. الغناء لمعبد خفيف رملٍ من رواية حماد.
    رأي يزيد في غناء معبد وابن سريج

    الأغاني - (ج 1 / ص 21)
    أخبرني محمد بن خلف وكيع قال قال إسماعيل بن مجمع أخبرنا المدائني عن رستم ابن صالح قال: قال يزيد بن عبد الملك يوماً لمعبد: يا أبا عباد، أني أريد أن أخبرك عن نفسي وعنك، فإن قلت فيه خلاف ما تعلم فلا تتحاش أن ترده علي، فقد أذنت لك. قال: يا أمير المؤمنين، لقد وضعك ربك بموضع لا يعصيك إلا ضال، ولا يرد عليك إلا مخطىء. قال: إن الذي أجده في غنائك لا أجده في غناء ابن سريج: أجد في غنائك متانةً، وفي غنائه انحناثاً وليناً. قال معبد: والذي أكرم أمير المؤمنين بخلافته، وارتضاه لعباده، وجعله أميناً على أمة نبيه صلى الله عليه وسلم، ما عدا صفتي وصفة ابن سريج، وكذا يقول ابن سريج وأقول، ولكن أن رأى أمير المؤمنين أن يعلمني هل وضعني ذاك عنده فعل. قال: لا والله، ولكني أؤثر الطرب على كل شيء.
    قال: يا سيدي فإذا كان ابن سريج يذهب إلى الخفيف من الغناء وأذهب أنا إلى الكامل التام، فأغرب أنا ويشرق هو، فمتى نلتقي؟ قال: أفتقدر أن تحكي رقيق بن سريج؟ قال نعم، فصنع من وقته لحناً من الخفيف في:
    ألا لله قوم و ... لدت أخت بني سهم
    الأربعة الأبيات. فغناه، فصاح يزيد: أحسنت والله يا مولاي! أعد فداك أبي وأمي، فأعاد، فرد عليه مثل قوله الأول، فأعاد. ثم قال: أعد فداك أبي وأمي، فأعاد، فاستخفه الطرب حتى وثب وقال لجواريه: افعلن كما أفعل، وجعل يدور في الدار ويدرن معه وهو يقول:
    يا دار دوريني ... يا قرقر امسكيني
    آليت منذ حين ... حقاً لتصرميني
    ولا تواصليني ... بالله فارحميني
    لم تذكري يميني!
    قال: فلم يزل يدور كما يدور الصبيان ويدرن معه، حتى خر مغشياً عليه ووقعن فوقه ما يعقل ولا يعقلن، فابتدره الخدم " فأقاموه " وأقاموا من كان على ظهره من جواريه، وحملوه وقد جاءت نفسه أو كادت.
    سيرة جوان بن عمر بن أبي ربيعة
    رجع الخبر إلى ذكر عمر بن أبي ربيعة وكان لعمر بن أبي ربيعة بنٌ " صالحٌ " يقال له " جوان " ، وفيه يقول العرجي:
    شهيدي جوانٌ على حبها ... أليس بعدلٍ عليها جوان
    فأخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثني يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان قال: جاء جوان بن عمر بن أبي ربيعة إلى زياد بن عبد الله الحارثي وهو إذ ذاك أميرٌ على الحجاز، فشهد عنده بشهادةٍ، فتمثل:
    شهيدي جوانٌ على حبها ... أليس بعدلٍ عليها جوان
    - وهذا الشعر للعرجي - ثم قال: قد أجزنا شهادتك، وقبله. وقال غير العيب عليكر: إنه جاء إلى العرجي، فقال له: يا هذا! ما لي وما لك تشهرني في شعرك! متى أشهدتني على صاحبتك هذه! ومتى كنت أنا أشهد في مثل هذا! قال: وكان امرأً صالحاً.
    وأخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر قال حدثني بكار بن عبد الله قال: استعمل بعض ولاة مكة جوان بن عمر على تبالة، فحمل على خثعم في صدقات أموالهم حملاً شديداً، فجعلت خثعم سنة جوانٍ تاريخاً، فقال ضبارة بن الطفيل:
    أتلبسنا ليلى على شعثٍ بنا ... من العام أو يرمى بنا الرجوان
    صوت
    رأتني كأشلاء اللجام وراقها ... أخو غزلٍ ذو لمةٍ ودهان
    ولو شهدتني في ليالٍ مضين لي ... لعامين مرا قبل عام جوان
    رأتنا كريمي معشرٍ حم بيننا ... هوى فحفظناه بحسن صيان
    نذود النفوس الحائمات عن الصبا ... وهن بأعناقٍ إليه ثواني
    ذكر حبش أن الغناء في هذه الأبيات للغريض ثاني ثقيلٍ بالبنصر، وذكر الهشامي أنه لقراريط.
    أمة الواحد بنت عمر بن أبي ربيعة قالوا: وكان لعمر أيضاً بنت يقال لها: " أمه الواحد " وكانت مسترضعةٌ في هذيل، وفيها يقول عمر بن أبي ربيعة - وقد خرج يطلبها فضل الطريق - :
    لم تدر وليغفر لها ربها ... ما جشمتنا أمة الواحد
    جشمت الهول براذيننا ... نسأل عن بيت أبي خالد
    نسأل عن شيخ بني كاهلٍ ... أعيا خفاء نشدة الناشد
    مولد عمر يوم قتل عمر بن الخطاب
    ووفاته وقد قارب السبعين

    الأغاني - (ج 1 / ص 22)
    أخبرني بذلك محمد بن خلف بن المرزبان عن أبي بكر العامري أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني يعقوب بن القاسم قال حدثنا أسامة بن زيد بن الحكم بن عوانة عن عوانة بن الحكم - قال: أراه عن الحسن - قال: ولد عمر بن أبي ربيعة ليلة قتل عمر بن الخطاب - رحمة الله عليه - فأي حقٍّ رفع، وأي باطلٍ وضع!. قال عوانة: ومات وقد قارب السبعين أو جاوزها.
    أخبرني الجوهري والمهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني يعقوب بن القاسم قال حدثني عبد الله بن الحارث عن ابن جريج عن عطاء قال: كان عمر بن أبي ربيعة أكبر مني كأنه ولد في أول الإسلام.
    عمر في مجلس ابن عباس بالمسجد الحرام
    أخبرني الجوهري والمهلبي قالا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني هارون بن عبد الله الزهري قال: حدثنا ابن أبي ثابت، وحدثني به علي بن صالح بن الهيثم عن أبي هفان عن إسحاق عن المسيبي والعيب عليكري والمدائني ومحمد بن سلام، قالوا: قال أيوب بن سيار، وأخبرني به الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثني محمد بن الحسن المخزومي عن عبد العزيز بن عمران عن أيوب بن سيار عن عمر الركاء قال: بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده نافع بن الأزرق وناسٌ من الخوارج يسألونه، إذ أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين موردين أو ممصرين حتى دخل وجلس، فأقبل عليه ابن عباس فقال أنشدنا فأنشده:
    أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر ... غداة غدٍ أم رائحٌ فمهجر
    حتى أتى على آخرها. فأقبل عليه نافع بن الأزرق فقال: الله يابن عباس! إنا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترفٌ من مترفي قريش فينشدك:
    رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ... فيخزى وأما بالعشى فيخسر
    فقال: ليس هكذا قال. قال: فكيف قال؟ فقال: قال:
    رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأما بالعشى فيخصر
    فقال: ماأراك إلا وقد حفظت البيت! قال: أجل! وإن شئت أن أنشدك القصيدة أنشدتك إياها. قال فإني أشاء، فأنشده القصيدة حتى أتى على آخرها. وفي غير رواية عمر بن شبة: أن ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها، ثم أنشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة، وما سمعها قط إلا تلك المرة صفحاً. قال: وهذا غاية الذكاء. فقال له بعضهم: ما رأيت أذكى منك قط. فقال: لكني ما رأيت قط أذكى من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان ابن عباس يقول: ما سمعت شيئاً قط إلا رويته، وإني لأسمع صوت النائحة فأسد أذني كراهة أن أحفظ ما تقول. قال: ولامه بعض أصحابه في حفظ هذه القصيدة: " أمن آل نعم... " فقال: إنا نستجيدها.
    وقال العيب عليكر في خبره عن عمه: فكان ابن عباس بعد ذلك كثيراً ما يقول: هل أحدث هذا المغيري شيئاً بعدنا؟ قال: وحدثني عبد الله بن نافع بن ثابت قال: كان عبد الله بن العيب عليكر إذا سمع قول عمر بن أبي ربيعة:
    فيضحى وأما بالعشي فيحضر
    قال: لا، بل:
    فيخزى وأما بالعشي فيخسر
    قال عمر بن شبة وأبو هفان والعيب عليكر في حديثهم: ثم أقبل على ابن أبي ربيعة فقال: أنشد، فأنشده:
    تشط غداً دار جيراننا
    وسكت، فقال ابن عباس:
    وللدار بعد غدٍ أبعد
    فقال له عمر: كذلك قلت - أصلحك الله - أفسمعته؟ قال: لا، ولكن كذلك ينبغي.
    شعره وخلقه وشهادة الشعراء فيه
    أخبرنا الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثني يعقوب بن إسحاق قال: كانت العرب تقر لقريشٍ بالتقدم في كل شيء عليها إلا في الشعر، فإنها كانت لا تقر لها به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة، فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضاً ولم تنازعها شيئاً.
    قال العيب عليكر: وسمعت عمي مصعباً يحدث عن جدي أنه قال مثل هذا القول. قال: وحدثني عدةٌ من أهل العلم أن النصيب قال: لعمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال.
    قال المدائني قال سليمان بن عبد الملك لعمر بن أبي ربيعة: ما يمنعك من مدحنا؟ قال: إني لا أمدح الرجال، إنما أمدح النساء. قال: وكان ابن جريجٍ يقول: ما دخل على العواتق في حجالهن شيءٌ اضر عليهن من شعر عمر بن أبي ربيعة.


    عدل سابقا من قبل DJALAL-SAT في 26/5/2008, 03:15 عدل 1 مرات
    djalal-dz
    djalal-dz
    النائب العام للمدير
    النائب العام للمدير


    عدد الرسائل : 726
    تاريخ التسجيل : 29/04/2008

    تابع كتاب الأغاني Empty رد: تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  djalal-dz 26/5/2008, 03:03

    الأغاني - (ج 1 / ص 23)
    قال العيب عليكر وحدثني عمي عن جدي - وذكره أيضاً إسحاق فيما رويناه عن أبي هفان عنه عن المدائني - قال قال هشام بن عروة: لا ترووا فتياتكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطاً، وأنشد:
    لقد أرسلت جاريتي ... وقلت لها خذي حذرك
    وقولي في ملاطفةٍ ... لزينب: نولي عمرك
    أخبرنا علي بن صالح قال حدثني أبو هفان عن إسحاق عن العيب عليكري قال حدثني أبي عن سمرة الدوماني من حمير قال: إني لأطوف بالبيت فإذا أنا بشيخٍ في الطواف، فقيل لي: هذا عمر بن أبي ربيعة. فقبضت على يده وقلت له: يابن أبي ربيعة. فقال: ما تشاء؟ قلت: أكل ما قتله في شعرك فعلته؟ قال: إليك عني. قلت: أسألك بالله! قال: نعم وأستغفر الله.
    قال إسحاق وحدثني الهيثم بن عدي عن حمادٍ الراوية: أنه سئل عن شعر عمر بن أبي ربيعة فقال: ذاك الفستق المقشر.
    أخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر عن عمه قال: سمع الفرزدق شيئاً من نسيب عمر فقال: هذا الذي كانت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت الديار، ووقع هذا عليه. قال: وكان بالكوفة رجلٌ من الفقهاء تجتمع إليه الناس فيتذاكرون العلم، فذكر يوماً شعر عمر بن أبي ربيعة فهجنه. فقالوا له: بمن ترضى؟ ومر بهم حمادٌ الراوية فقال: قد رضيت بهذا. فقالوا له: ما تقول فيمن يزعم أن عمر بن أبي ربيعة لم يحسن شيئاً؟ فقال: أين هذا؟ اذهبوا بنا إليه. قالوا: نصنع به ماذا؟ قال: ننزو على أمه لعلها تأتي بمن هو أمثل من عمر.
    قال إسحاق: وقال أبو المقوم الأنصاري: ما عصي الله بشيء كما عصي بشعر عمر بن أبي ربيعة.
    قال إسحاق: وحدثني قيس بن داود قال حدثني أبي قال: سمعت عمر بن أبي ربيعة يقول: لقد كنت وأنا شابٌ أعشق ولا أعشق، فاليوم صرت إلى مداراة الحسان إلى الممات. ولقد لقيتني فتاتان مرةً فقالت لي إحداهما: أدن مني يابن أبي ربيعة أسر إليك شيئاً. فدنوت منها ودنت الأخرى فجعلت تعضني، فما شعرت بعض هذه من لذة سرار هذه.
    قال إسحاق: وذكر عبد الصمد بن المفضل الرقاشي عن محمد بن فلان الزهري - سقط اسمه - عن إسحاق عن عبد الله بن مسلمة بن أسلم قال: لقيت جريراً فقلت له: يا أبا حزرة، إن شعرك رفع إلى المدينة وأنا أحب أن تسمعني منه شيئاً. فقال: إنكم يا أهل المدينة يعجبكم النسيب، وإن أنسب الناس المخزومي. يعني ابن أبي ربيعة.
    قال إسحاق: وذكر محمد بن إسماعيل الجعفري عن أبيه عن خاله عبد العزيز بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، قال: أشرف عمر بن أبي ربيعة على أبي قبيسٍ، وبنو أخيه معه وهم محرمون، فقال لبعضهم: خذ بيدي فأخذ بيده، وقال: ورب هذه البنية ما قلت لامرأةٍ قط شيئاً لم تقله لي، وما كشفت ثوباً عن حرام قط. قال: ولما مرض عمر مرضه الذي مات فيه جزع أخوه الحارث جزعاً شديداً. فقال له عمر: أحسبك إنما تجزع لما تظنه بي، والله ما أعلم أني ركبت فاحشةً قط! فقال: ما كنت أشفق عليك إلا من ذلك، وقد سليت عني.
    قال إسحاق: حدثني مصعبٌ الزبيري قال قال مصعب بن عروة بن العيب عليكر: خرجت أنا وأخي عثمان إلى مكة معتمرين أو حاجين، فلما طفنا بالبيت مضينا إلى الحجر نصلي فيه، فإذا شيخٌ قد فرج بيني وبين أخي فأوسعنا له. فلما قضى صلاته أقبل علينا فقال: من أنتما؟ فأخبرناه. فرحب بنا وقال: يا ابني أخي، إني موكل بالجمال أتبعه، وإني رأيتكما فراقني حسنكما وجمالكما، فاستمتعا بشبابكما قبل أن تندما عليه، ثم قام، فسألنا عنه فإذا هو عمر بن أبي ربيعة.
    أخبرنا الحرمي قال حدثنا العيب عليكر قال حدثني محمد بن الضحاك قال: عاش عمر بن أبي ربيعة ثمانين سنة، فتك منها أربعين سنةً، ونسك أربعين سنة.
    قال العيب عليكر وحدثني إبراهيم عن حمزة ومحمد بن ثابت عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: حججت مع أبي وأنا غلامٌ وعلي جمة. فلما قدمت مكة جئت عمر بن أبي ربيعة، فسلمت عليه وجلست معه، فجعل يمد الخصلة من شعري ثم يرسلها فترجع على ما كانت عليه، ويقول: واشباباه!. حتى فعل ذلك مراراً. ثم قال لي: يابن أخي، قد سمعتني أقول في شعري: قالت لي وقلت لها، وكل مملوكٍ لي حرٌ إن كنت كشفت عن فرجٍ حرامٍ قط! فقمت وأنا متشككٌ في يمينه، فسألت عن رقيقه فقيل لي: أما في الحوك فله سبعون عبداً سوى غيرهم.

    الأغاني - (ج 1 / ص 24)
    أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثتني ظبية مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب قالت: مررت بجدك عبد الله بن مصعب وأنا داخلةٌ منزله وهو بفنائه ومعي دفتر، فقال: ما هذا معك؟ ودعاني. فجئته وقلت: شعر عمر بن أبي ربيعة. فقال: ويحك! تدخلين على النساء بشعر عمر بن أبي ربيعة! إن لشعره لموقعاً من القلوب ومدخلاً لطيفاً، لو كان شعرٌ يسحر لكان هو، فارجعي به. قالت: ففعلت.
    " قال إسحاق " : وأخبرني الهيثم بن عدي قال: قدمت امرأةٌ مكة وكانت من أجمل النساء. فبينا عمر بن أبي ربيعة يطوف إذ نظر إليها فوقعت في قلبه، فدنا منها فكلمها، فلم تلتفت إليه. فلما كان في الليلة الثانية جعل يطلبها حتى أصابها. فقالت له: إليك عني يا هذا، فإنك في حرم الله وفي أيامٍ عظيمة الحرمة. فألح عليها يكلمها، حتى خافت أن يشهرها. فلما كان في الليلة الأخرى قالت لأخيها: أخرج معي يا أخي فأرني المناسك، فإني لست أعرفها، فأقبلت وهو معها. فلما رآها عمر أراد أن يعرض لها، فنظر إلى أخيها معها فعدل عنها، فتمثلت المرأة بقول النابغة:
    تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي صولةً المستأسد الحامي
    قال إسحاق: فحدثني السندي مولى أمير المؤمنين أن المنصور قال - وقد حدث بهذا الخبر - : وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها إلا سمعت بهذا الحديث.
    قال إسحاق: قال لي الأصمعي: عمر حجةٌ في العربية، ولم يؤخذ عليه إلا قوله:
    ثم قالوا تحبها قلت بهراً ... عدد الرمل والحصى والتراب
    وله في ذلك مخرجٌ، إذ قد أتى به على سبيل الإخبار. قال: ومن الناس من يزعم أنه إنما قال:
    قيل لي هل تحبها قلت بهرا
    نسبة ما مضى في هذه الأخبار من الأشعار التي قالها عمر بن أبي ربيعة وغنى فيها المغنون إذ كانت لم تنسب هناك لطول شرحها
    شعر عمر الذي غنى فيه المغنون
    منها ما يغنى فيه من قوله:
    صوت
    أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر ... غداة غدٍ أم رائح فمهجر
    لحاجة نفسٍ لم تقل في جوابها ... فتبلغ عذراً والمقالة تعذر
    أشارت بمدراها وقالت لأختها ... أهذا المغيري الذي كان يذكر؟
    فقالت: نعم لا شك غير لونه ... سر الليل يطوي نصه والتهجر
    رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأما بالعشي فيخصر
    أخا سفرٍ جواب أرضٍ تقاذفت ... به فلواتٌ فهو أشعث أغبر
    وليلة ذي دوران جشمتني السرى ... وقد يجشم الهول المحب المغرر
    فقلت: أباديهم فإما أفوتهم ... وإما ينال السيف ثأراً فيثأر
    هذه الأبيات جمعت على غير توالٍ؛ لأنه إنما ذكر منها ما فيه صنعةٌ. غنى في الأول والثاني من الأبيات ابن سريج خفيف رملٍ بالبنصر عن أحمد بن المكي وذكر حبشٌ أن فيهما لمعبدٍ لحناً من الثقيل الأول بالبنصر.
    وغنى ابن سريج في الثالث والرابع أيضاً خفيف ثقيلٍ بالوسطى، وذكر حبشٌ أن فيهما لحناً من الهزج بالوسطى لحكم. وغنى ابن سريج في الخامس والسادس لحناً من الرمل بالوسطى عن عمرو بن بانه. وذكر يونس أن في السابع والثامن لابن سريج لحناً ولم يذكر طريقته، وذكر حبشٌ أن فيهما لمالك لحناً من الثقيل الثاني بالبنصر.
    أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرني محمد بن إسحاق قال أخبرني محمد بن حبيب عن هشام بن الكلبي: أن عمر بن أبي ربيعة أتى عبد الله بن عباس وهو في المسجد الحرام فقال: متعني الله بك! إن نفسي قد تاقت إلى قول الشعر ونازعتني إليه، وقد قلت منه شيئاً أحببت أن تسمعه وتستره علي. فقال: أنشدني، فأنشده:
    أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر
    فقال له: أنت شاعرٌ يا ابن أخي، فقل ما شئت. قال: وأنشد عمر هذه القصيدة طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري وهو راكبٌ، فوقف ومازال شانقاً ناقته حتى كتبت له.
    أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني الحسين بن إسماعيل قال حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: كان جرير إذا أنشد شعر عمر بن أبي ربيعة قال: هذا شعرٌ تهامي إذا أنجد وجد البرد، حتى أنشد قوله:
    رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ... فيضحى وأما بالعشي فينحصر
    djalal-dz
    djalal-dz
    النائب العام للمدير
    النائب العام للمدير


    عدد الرسائل : 726
    تاريخ التسجيل : 29/04/2008

    تابع كتاب الأغاني Empty رد: تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  djalal-dz 26/5/2008, 03:04

    الأغاني - (ج 1 / ص 25)
    قليلاً على ظهر المطية ظله ... سوى ما نفى عنه الرداء المحبر
    وأعجبها من عيشها ظل غرفةٍ ... وريان ملتف الحدائق أخضر
    ووالٍ كفاها كل شيء يهمها ... فليست لشيءٍ آخر الليل تسهر
    فقال جرير: ما زال هذا القرشي يهذي حتى قال الشعر.
    أخبرني محمد بن خلف قال أخبرني أبو عبد الله اليمامي قال حدثني الأصمعي قال: قال لي الرشيد: أنشدني أحسن ما قيل في رجل قد لوحه السفر، فأنشدته قول عمر بن أبي ربيعة:
    رأت رجلاً إذا ما الشمس عارضت ... فيضحى وأما بالعشي فينحصر
    أخا سفرٍ جواب أرضٍ تقاذفت ... به فلوات فهو أشعث أغبر
    ... الأبيات كلها. قال: فقال لي الرشيد: أنا والله ذلك الرجل. قال: وهذا بعقب قدومه من بلاد الروم.
    أخبرني الفضل بن الحباب الجمحي أبو خليفة في كتابه إلي: قال حدثنا محمد بن سلام قال أخبرني شعيب بن صخر قال: كان بين عائشة بنت طلحة وبين زوجها عمر بن عبيد الله بن معمرٍ كلامٌ، فسهرت ليلةً فقالت: إن ابن أبي ربيعة لجاهلٌ بليلتي هذه حيث يقول:
    ووالٍ كفاها كل شيءٍ يهمها ... فليست لشيءٍ آخر الليل تسهر
    أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان قال حدثني إسحاق عن المدائني قال: عرض يزيد بن معاوية جيش أهل الحرة، فمر به رجلٌ من أهل الشأم معه ترسٌ خلقٌ سمجٌ، فنظر إليه يزيد وضحك وقال له: ويحك! ترس عمر بن أبي ربيعة كان أحسن من ترسك. يريد قول عمر:
    فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوصٍ كاعبان ومعصر
    أخبرنا جعفر بن قدامة قال حدثني محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي قال: سمع أبو الحارث جميز مغنيةً تغني:
    أشارت بمدراها وقالت لأختها ... أهذا المغيري الذي كان يذكر؟
    فقال جميز: امرأته طالق إن كانت أشارت إليه بمدراها إلا لتفقأ بها عينه، هلا أشارت إليه بنقانق مطرفٍ بالخردل، أو سنبوسجةٍ مغموسةٍ في الخل، أو لوزينجةٍ شرقةٍ بالدهن! فإن ذلك أنفع له، وأطيب لنفسه، وأدل على مودة صاحبته.
    أخبرني الحرمي قال: حدثنا العيب عليكر قال حدثني عبد العزيز بن أبي أويس عن عطاف بن خالد الوابصي عن عبد الرحمن بن حرملة قال: أنشد سعيد بن المسيب قول عمر بن أبي ربيعة:
    وغاب قميرٌ كنت أرجو غيوبه ... وروح رعيانٌ ونوم سمر
    فقال: ما له قاتله الله! لقد صغر ما عظم الله! يقول الله عز وجل: " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " .
    شعر عمر في فاطمة الكندية
    بنت محمد بن الأشعث
    ومنها ما فيه غناء لم ينسب في موضعه من الأخبار فنسب ها هنا:
    صوت
    تشط غداً دار جيراننا ... وللدار بعد غدٍ أبعد
    إذا سلكت غمر ذي كندةٍ ... مع الصبح قصدٌ لها الفرقد
    عراقيةٌ، وتهامي الهوى ... يغور بمكة أو ينجد
    وحث الحداة بها عيرها ... سراعاً إذا ما ونت تطرد
    هنالك إما تعزي الفؤاد ... وإما على إثرها تكمد
    وليست ببدعٍ إذا دارها ... نأت والعزاء إذاً أجلد
    صرمت وواصلت حتى علم ... ت أين المصادر والمورد
    وجربت من ذاك حتى عرف ... ت ما أتوقى وما أحمد
    فلما دنونا لجرس النبا ... ح والضوء، والحي لم يرقدوا
    " نأينا عن الحي حتى إذا ... تودع من نارها الموقد "
    بعثنا لها باغياً ناشداً ... وفي الحي بغية من ينشد
    أتتنا تهادى على رقبةٍ ... من الخوف أحشاؤها ترعد
    تقول وتظهر وجداً بنا ... ووجدي وإن أظهرت أوجد
    لمما شقائي تعلقتكم ... وقد كان لي عندكم مقعد
    وكفت سوابق من عبرةٍ ... على الخد يجري بها الإثمد
    فإن التي شيعتنا الغداة ... مع الفجر قلبي بها مقصد
    " كأن أقاحي موليةً ... تحدر من ماء مزنٍ ندي "

    الأغاني - (ج 1 / ص 26)
    غنى معبد في الأول والثاني والثالث من الأبيات خفيف ثقيلٍ من أصواتٍ قليلات الأشباه عن إسحاق. وغنى فيها أشعب " المعروف بالطامع " ثاني ثقيلٍ بالوسطى عن الهشامي. وللغريض في الأبيات الأربعة الأول ثاني ثقيلٍ بالوسطى عن عمرو. ولابن سريج في الرابع عشر وهو:
    وكفت سوابق من عبرة
    ثم الأول والتاسع رملٌ بالوسطى عن ابن المكي. ولمالك (ويقال إنه لمعبد ) خفيف ثقيلٍ في الرابع عشر والثالث عشر والأول عن الهشامي. وفي السابع والثامن والأول لابن جامع ثقيل أول بالوسطى عن الهشامي. وفي الأول والحادي عشر لابن سريج رملٌ بالبنصر في مجراها عن إسحاق، وفيهما ثاني ثقيلٍ بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق ولم ينسبه إلى أحد، وذكر أحمد بن المكي أنه لأبيه. وفي الرابع والخامس رملٌ لمعبد عن ابن المكي، وقيل: إنه من منحول أبيه إلى معبد. وفي الثالث عشر والسادس ليونس خفيف رملٍ عن الهشامي. وفي الأول والثاني عشر ثاني ثقيلٍ تشترك فيه الأصابع عن ابن المكي، وقال أيضاً: فيه للأبجر لحنٌ آخر من الثقيل الثاني. ولمعبد في الرابع والسادس ثاني ثقيل آخر عنه، وفيهما أيضاً رملٌ لابن سريج عنه وعن حبشٍ. ولإسحاق في الأول والثاني رملٌ من كتابه. ولعلية بنت المهدي في الثالث عشر والأول ثقيل أول. ولابن مسجحٍ في الثاني عشر والأول رملٌ، ويقال إنه للرطاب، وذكر حبش أنه لابن سريج. وفي الخمسة الأبيات الأولى متواليةً خفيف رملٍ بالوسطى ينسب إلى معبد وإلى يحيى المكي، وزعم حبشٌ أن فيها رملاً بالوسطى لابن محرز. والذي ذكره يونس في كتابه أن في
    تشط غداً دار جيراننا
    خمسة ألحانٍ: اثنان لمعبد، واثنان لمالك، وواحد ليونس. وذكر أحمد بن عبيد أن الذي عرف صحته من الغناء فيه سبعة ألحانٍ: ثقيلٌ أول، وثاني ثقيلٍ، وخفيف ثقيل، ورملٌ، وخفيفه.
    أخبرني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله بن المرزبان أن الذي أحصي فيه إلى وقته ستة عشر لحناً. والذي وجدته فيه مما جمعته ها هنا - سوى ما لم يذكر يونس طريقته - تسعة عشر لحناً: منها في الثقيل الأول لحنان، وفي خفيف الثقيل لحنان، وفي الثقيل الثاني ستة، وفي الرمل سبعة، وفي خفيف الرمل لحنان.
    وهذا الشعر يقوله عمر بن أبي ربيعة في امرأةٍ من ولد الأشعث بن قيس حجت فهويها وراسلها، فواصلته ودخل إليها وتحدث معها وخطبها، فقالت: أما ها هنا فلا سبيل إلى ذلك، ولكن إن قدمت إلى بلدي خاطباً تزوجتك، فلم يفعل.
    أخبرني بهذا الخبر الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر قال حدثنا محمد بن الحسن المخزومي عن محرز بن جعفر مولى أبي هريرة عن أبيه قال: سمعت بديحاً يقول: حجت بنت محمد بن الأشعث الكندية، فراسلها عمر بن أبي ربيعة وواعدها أن يتلقاها مساء الغد، وجعل الآية بينه وبينها أن تسمع ناشداً ينشد - إن لم يمكنه أن يرسل رسولاً - يعلمها بمصيره إلى المكان الذي وعدها. قال بديح: فلم أشعر به إلا متلثماً، فقال لي: يا بديح، ائت بنت محمد بن الأشعث فأخبرها أني قد جئت لموعدها، فأبيت أن أذهب وقلت: مثلي لا يعين على مثل هذا.
    فغيب بغلته عني ثم جاءني فقال لي: قد أضللت بغلتي فانشدها لي في زقاق الحاج. فذهبت فنشدتها، فخرجت علي بنت محمد بن الأشعث وقد فهمت الآية، فأتته لموعده، وذلك قوله:
    وآية ذلك أن تسمعي ... إذا جئتكم ناشداً ينشد
    قال بديح: فلما رأيتها مقبلةً عرفت أنه قد خدعني بنشدي البغلة، فقلت له: يا عمر، لقد صدقت التي قالت لك:
    فهذا سحرك النسوا ... ن، قد خبرنني خبرك
    قد سحرتني وأنا رجل! فكيف برقة قلوب النساء وضعف رأيهن! وما آمنك بعدها، ولو دخلت الطواف ظننت أنك دخلته لبليةٍ. قال: وحدثها بحديثي، فما زالا ليلتهما يفصلان حديثهما بالضحك مني.
    قال العيب عليكر: فحدثني أبو الهندام مولى الربعيين عن أبي الحارث بن عبد الله الربعي قال: لقي ابن أبي عتيق بديحاً فقال له: يا بديح، أخدعك ابن أبي ربيعة أنه قرشي؟ فقال بديح: نعم! وقد أخطأه ذلك عند القسري وصواحبه. فقال ابن أبي عتيق: ويحك يا بديح! أن من تغابى لك ليغبى عنك، فقد ضمت عليه قبضتك إن كان لك ذهنٌ، أما رأيت لمن كانت العاقبة؟ والله ما بالى ابن أبي ربيعة أوقع عليهن أم وقعن عليه!.

    الأغاني - (ج 1 / ص 27)
    أخبرني عمي قال حدثنا محمد بن سعد الكراني قال حدثنا العمري عن كعب بن بكر المحاربي: أن فاطمة بنت محمد بن الأشعث حجت، فراسلها عمر بن أبي ربيعة فواعدته أن تزوره، فأعطى الرسول الذي بشره بزيارتها مائة دينار.
    أخبرني علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن رجاله المذكورين، قالوا: حجت بنتٌ لمحمد بن الأشعث " - هكذا قال إسحاق وهو عندي الصحيح - " وكانت معها أمها وقد سمعت بعمر بن أبي ربيعة فأرسلت إليه، فجاءها فاستنشدته، فأنشدها:
    تشط غداً دار جيراننا ... وللدار بعد غدٍ أبعد
    وذكر القصة بطولها. قال: وقد كانت لما جاءها أرسلت بينها وبينه ستراً رقيقاً تراه من ورائه ولا يراها، فجعل يحدثها حتى استنشدته، فأنشدها هذه القصيدة، فاستخفها الشعر فرفعت السجف، فرأى وجهاً حسناً في جسمٍ ناحل، فخطبها وأرسل إلى أمها بخمسمائة دينار، فأبت وحجبته وقالت للرسول: تعود إلينا. فكأن الفتاة غمها ذلك، فقالت لها أمها: قد قتلك الوجد به فتزوجيه. قالت: لا والله لا يتحدث أهل العراق عني أني جئت ابن أي ربيعة أخطبه، ولكن إن أتاني إلى العراق تزوجته. قال: ويقال إنها راسلته وواعدته أن تزوره، فأجمر بيته وأعطى المبشر مائة دينار، فأتته وواعدته إذا صدر الناس أن يشيعها، وجعلت علامة ما بينهما أن يأتيها رسوله ينشدها ناقةً له. فلما صدر الناس فعل ذلك عمر. وفيه يقول وقد شيعها:
    صوت
    قال الخليط غداً تصدعنا ... أو بعده، أفلا تشيعنا
    أما الرحيل فدون بعد غدٍ ... فمتى تقول الدار تجمعنا
    لتشوقنا هندٌ وقد علمت ... علماً بأن البين يفزعنا
    عجباً لموقفنا وموقفها ... وبسمع تربيها تراجعنا!
    ومقالها سر ليلةً معنا ... نعهد فإن البين فاجعنا!
    قلت العيون كثيرةٌ معكم ... وأظن أن السير مانعنا
    لا بل نزوركم بأرضكم ... فيطاع قائلكم وشافعنا
    قالت أشيءٌ أنت فاعله ... هذا لعمرك أم تخادعنا؟
    بالله حدث ما تؤمله ... واصدق فإن الصدق واسعنا
    اضرب لنا أجلاً نعد له ... إخلاف موعده تقاطعنا
    الغناء لابن سريج ثقيلٌ أول مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق، وذكر عمرو أنه للغريض بالوسطى. وفيه لابن سريج خفيف رملٍ عن الهشامي، وذكر حبشٌ أنه لموسى شهوات.
    شعره في زينب بنت موسى الجمحية
    ومنها مما لم ينسب أيضاً
    صوت
    لقد أرسلت جاريتي ... وقلت لها: خذي حذرك
    وقولي في ملاطفةٍ ... لزينب: نولي عمرك
    فهزت رأسها عجباً ... وقالت: من بذا أمرك
    أهذا سحرك النسوا ... ن، قد خبرنني خبرك
    غنى فيها ابن سريج خفيف رملٍ بالبنصر عن عمرو، وقال قومٌ: إنه للغريض. وفيها لمالكٍ خفيف ثقيلٍ عن ابن المكي. وفي هذا الشعر ألحانٌ كثيرةٌ، والشعر فيها على غير هذه القافية، لأن هذه الأبيات لعمر من قصيدةٍ رائيةٍ موصولة الراءات بألفٍ، إلا أن المغنين غيروا هذه الأبيات في هذين اللحنين، فجعلوا مكان الألف كافاً، وإنما هي:
    لقد أرسلت جاريتي ... وقلت لها: خذي حذرا
    وأول القصيدة:
    صوت
    تصابى القلب وادكرا ... صباه ولم يكن ظهرا
    لزينب إذ تجدلنا ... صفاءً لم يكن كدرا
    أليست بالتي قالت ... لمولاةٍ لها ظهرا
    أشيري بالسلام له ... إذا هو نحونا خطرا
    " لقد أرسلت جاريتي ... وقلت لها: خذي حذرا "
    وقولي في ملاطفةٍ ... لزينب: نولي عمرا
    فهزت رأسها عجبا ... وقالت: من بذا أمرا!
    أهذا سحرك النسوا ... ن، قد خبرنني الخبرا
    غنى ابن سريج في الثالث والرابع والخامس والأول خفيف ثقيلٍ أول بإطلاق الوتر في مجرى البنصر من رواية إسحاق. وذكر عمرو بن بانة في نسخته الأولى أنه لابن سريج، وأبو إسحاق ينسبه في نسخته الثانية إلى دحمان. وللغريض في الأول من الأبيات لحن من القدر الأوسط من الثقيل الأول بالوسطى في مجراها، وأضاف إليه بيتين ليسا من هذه القصيدة وهما:

    الأغاني - (ج 1 / ص 28)
    طربت ورد من تهوى ... جمال الحي فابتكروا
    فقل للمالكية لا ... تلومي القلب إن جهرا
    وذكر يونس أن لمعبدٍ في هذا الشعر الذي أوله:
    تصابى القلب وادكرا
    لحنين لم يذكر جنسيهما، وذكر الهشامي: أن أحدهما خفيف ثقيلٍ والآخر رملٌ. وفي الأبيات التي غنى فيها الغريض رملٌ لدحمان عن الهشامي، قال: ويقال إنه لابنة العيب عليكر. وزينب التي ذكرها عمر بن أبي ربيعة ها هنا، يقال لها: زينب بنت موسى أخت قدامة بن موسى الجمحي.
    أخبرني بذلك محمد بن خلف بن المرزبان عن أبي بكر العامري. وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر بن بكار قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري قال حدثني عمي عمران بن عبد العزيز قال: شبب عمر بن أبي ربيعة بزينب بنت موسى الجمحية في قصيدته التي يقول فيها:
    صوت
    يا خليلي من ملامٍ دعاني ... وألما الغداة بالأظعان
    لا تلوما في آل زينب إن ال ... قلب رهنٌ بآل زينب عاني
    ما أرى ما بقيت أن أذكر المو ... قف منها بالخيف إلا شجاني
    - غنى في هذه الأبيات الغريض خفيف رملٍ بالبنصر عن عمرو -
    لم تدع للنساء عندي حظاً ... غير ما قلت مازحاً بلساني
    هي أهل الصفاء والود مني ... وإليها الهوى فلا تعدلاني
    حين قالت لأختها ولأخرى ... من قطينٍ مولدٍ: حدثاني
    كيف لي اليوم أن أرى عمر المر ... سل سراً في القول أن يلقاني؟
    قالتا: نبتغي رسولاً إليه ... ونميت الحديث بالكتمان
    إن قلبي بعد الذي نلت منها ... كالمعمى عن سائر النسوان
    قال: وكان سبب ذكره لها أن ابن أبي عتيق ذكرها عنده يوماً فأطراها، ووصف من عقلها وأدبها وجمالها ما شغل قلب عمر وأماله إليها، فقال فيها الشعر وشبب بها، فبلغ ذلك ابن أبي عتيقٍ، فلامه فيه وقال له: أتنطق الشعر في ابنة عمي؟ فقال عمر:
    صوت
    لا تلمني عتيق حسبي الذي بي ... إن بي يا عتيق ما قد كفاني
    لا تلمني وأنت زينتها لي ... أنت مثل الشيطان للإنسان
    إن بي داخلاً من الحب قد أب ... لى عظامي مكنونه وبراني
    لو بعيعيب عليك يا عتيق نظرنا ... ليلة السفح قرت العينان
    إذ بدا الكشح والوشاح من الد ... ر فضلٌ فيه من المرجان
    قد قلى قلبي النساء سواها ... غير ما قلت مازحاً بلساني
    وأول هذه القصيدة:
    إنني اليوم عاد لي أحزاني ... وتذكرت ما مضى من زماني
    وتذكرت ظبيةً أم رئمٍ ... هاج لي الشوق ذكرها فشجاني
    غنى أبو العبيس بن حمدون في " لا تلمني عتيق... " لحناً من الثقيل الأول المطلق. وفيه رملٌ طنبوريٌ مجهولٌ.
    أخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر قال أخبرني عبد الملك بن عبد العزيز عن يوسف بن الماجشون قال: أنشد عمر بن أبي ربيعة قوله:
    يا خليلي من ملامٍ دعاني ... وألما الغداة بالأظعان
    لا تلوما في آل زينب إن ال ... قلب رهنٌ بآل زينب عاني
    القصيدة. قال: فبلغ ذلك أبا وداعة السهمي فأنكره وغضب. وبلغ ذلك ابن أبي عتيقٍ وقيل له: إن أبا وداعة قد اعترض لابن أبي ربيعة من دون زينب بنت موسى، وقال: لا أقر لابن أبي ربيعة أن يذكر امرأةً من بني هصيصٍ في شعره. فقال ابن أبي عتيق: لا تلوموا أبا وداعة أن ينعظ من سمرقند على أهل عدن! قال العيب عليكر: وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري قال حدثني عمي عمران بن عبد العزيز قال: شبب عمر بن أبي ربيعة بزينب بنت موسى في أبياته التي يقول فيها:
    لا تلوما في آل زينب إن ال ... قلب رهنٌ بآل زينب عاني
    فقال له ابن أبي عتيق: أما قلبك فقد غيب عنا، وأما لسانك فشاهدٌ عليك.
    قال عبد الرحمن بن عبد الله قال عمران بن عبد العزيز: عذل ابن أبي عتيقٍ عمر في ذكره زينب في شعره، فقال عمر:
    لا تلمني عتيق حسبي الذي بي ... إن بي يا عتيق ما قد كفاني
    djalal-dz
    djalal-dz
    النائب العام للمدير
    النائب العام للمدير


    عدد الرسائل : 726
    تاريخ التسجيل : 29/04/2008

    تابع كتاب الأغاني Empty رد: تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  djalal-dz 26/5/2008, 03:10

    الأغاني - (ج 1 / ص 29)
    لا تلمني وأنت زينتها لي ...
    قال: فبدره ابن أبي عتيق، فقال:
    أنت مثل الشيطان للإنسان
    فقال ابن أبي ربيعة: هكذا ورب البيت قلته. فقال ابن أبي عتيق: إن شيطانك ورب القبر ربما ألم بي، فيجد عندي من عصيانه خلاف ما يجد عندك من طاعته، فيصيب مني وأصيب منه.
    أخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر قال حدثني عبد الملك بن عبد العزيز قال حدثني قدامة بن موسى قال: خرجت بأختي زينب إلى العمرة، فلما كنت بسرفٍ لقيني عمر بن أبي ربيعة على فرس فسلم علي. فقلت له: إلى أين أراك متوجهاً يا أبا الخطاب؟ فقال: ذكرت لي امرأةٌ من قومي برزة الجمال، فأردت الحديث معها. فقلت: هل علمت أنها أختي؟ فقال: لا! واستحيا وثنى عنق فرسه راجعاً إلى مكة.
    أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثنا أحمد بن الهيثم قال حدثنا العمري عن لقيط بن بكر المحاربي قال: أنشدني ابن أبي عتيق قول عمر:
    صوت
    من لسقيمٍ يكتم الناس ما به ... لزينب نجوى صدره والوساوس
    أقول لمن يبغي الشفاء متى تجيء ... بزينب تدرك بعض ما أنت لامس
    فإنك إن لم تشف من سقمي بها ... فإني من طب الأطباء آيس
    ولست بناسٍ ليلة الدار مجلساً ... لزينب حتى يعلو الرأس رامس
    خلاءً بدت قمراؤه وتكشفت ... دجنته وغاب من هو حارس
    وما نلت منها محرماً غير أننا ... كلانا من الثوب المورد لابس
    نجيين نقضي اللهو في غير مأثمٍ ... وإن رغمت م الكاشحين المعاطس
    قال: فقال ابن أبي عتيق: أمنا يسخر ابن أبي ربيعة! فأي محرم بقي! ثم أتى عمر فقال له: يا عمر، ألم تخبرني أنك ما أتيت حراماً قط؟ قال بلى! قال: فأخبرني عن قولك:
    كلانا من الثوب المورد لابس
    ما معناه؟ قال: والله لأخبرنك! خرجت أريد المسجد وخرجت زينب تريده، فالتقينا فاتعدنا لبعض الشعاب، فلما توسطنا الشعب أخذتنا السماء، فكرهت أن يرى بثيابها بلل المطر، فيقال لها: ألا استترت بسقائف المسجد أن كنت فيه، فأمرت غلماني فسترونا بكساء خزٍّ كان علي؛ فذلك حين أقول:
    كلانا من الثوب المطارف لابس
    فقال له ابن أبي عتيق: يا عاهر! هذا البيت يحتاج إلى حاضنة! الغناء في هذه الأبيات التي أولها:
    من لسقيم يكتم الناس ما به
    لرذاذٍ ثقيلٌ أول، وكان بعض المحدثين ممن شاهدناه يدعي أنه له، ولم يصدق.
    أخبرني الحرمي قال حدثنا العيب عليكر قال حدثني عبد الملك بن عبد العزيز عن يوسف بن الماجشون قال: قال عمر بن أبي ربيعة في زينب بنت موسى:
    صوت
    طال من آل زينب الإعراض ... للتعدي وما بها الإبغاض
    ووليدين كان علقها القل ... ب إلى أن علا الرءوس بياض
    حبلها عندنا متين وحبلي ... عندها واهن القوى أنقاض
    الغناء في هذا الأبيات لابن محرز خفيف رملٍ بالبنصر عن عمرو. وقال الهشامي: فيه لابن جامع خفيف رملٍ آخر.
    أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا العيب عليكر قال قال عبد الرحمن بن عبد الله وحدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز عن أبيه قال: لما قال عمر بن أبي ربيعة في زينب:
    لم تدع للنساء عندي نصيباً ... غير ما قلت مازحاً بلساني
    قال له ابن أبي عتيق: رضيت لها بالمودة، وللنساء بالدهفشة. قال: والدهفشة: التجميش والخديعة بالشيء اليسير. " وقال غير العيب عليكر في هذا الخبر: الدهقشة، مكان الدهفشة " .
    ومما قاله عمر في زينب وغني فيه قوله:
    صوت
    أيها الكاشح المعير بالصر ... م تزحزح فما لها الهجران
    لا مطاعٌ في آل زينب فارجع ... أو تكلم حتى يمل اللسان
    نجعل الليل موعداً حين نمسي ... ثم يخفي حديثنا الكتمان
    كيف صبري عن بعض نفسي وهل يص ... بر عن بعض نفسه الإنسان!
    ولقد أشهد المحدث عند ال ... قصر فيه تعففٌ وبيان
    في زمانٍ من المعيشة لدنٍ ... قد مضى عصره وهذا زمان
    الغناء في هذه الأبيات لابن سريج رملٌ بالوسطى عن عمرو ودنانير. وذكر يونس أن فيه لحناً لابن محرز ولحناً لابن عباد الكاتب، أول لحن ابن عباد الكاتب:

    avatar
    زائر
    زائر


    تابع كتاب الأغاني Empty رد: تابع كتاب الأغاني

    مُساهمة  زائر 29/8/2008, 18:54

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]<br>[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]<br>[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    <br>

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 15:55