سبب هدايتي جدتي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحابته أجمعين ،
سبحان من بيده مفاتيح القلوب ، الذي قلوب العباد بين اصبعيه يقلبها كيف يشاء ، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، و يا مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك ،
بعد ليلة طويلة ، قضيتها مع أصحاب السوء ، مع المثقلين بالسيئات ، المبعدين عن الطاعات ، قضيتها معهم باللو ، والسهر والغناء ، وديدن رتيب ممل مضحك مبكي ، يشعر العاقل في خضمه أنه لا قيمة له
، ولا حاجة اليه ، كل ليلة على هذا المنوال ، فلما تدحرجت عقارب الساعة ، واستقرت على ضفاف الهزيع الاخير من الليل ، ركبت سيارتي وعدت الى المنزل ، فكانت الساعة وقتئذ تشير الى الثالثة بعد منتصف الليل ، فتحت باب المنزل ودخلت ، فاذا بجدتي يرحمها الله ، قد افترشت سجادتها ، في ناحية
من البيت ، ومضت في صلوات كثيرة وطويلة ، لم أحص لها عدا ، إلا أنني أذكر أنها كانت تصلي وهي جالسة ، فقد تعبت من الوقوف ، فآثرت الوقوف بين يدي الرؤوف عنالوقوف ، فاستمرت في صلاتها قاعدة ، فاستوقفتني لحظات الرحمة والتوفيق ، من الغفور الرحيم لأقف أنظر اليها وهي تصلي ، غير عابئة بالنائمين ، ولا مكترثة بالداخلين والخارجين ، فأحسست من تلك اللحظة ، بشيء غريب ينتابني ، وكأن شيئا ما سيحدث في حياتي ، ثم دخلت غرفتي ، حاولت النوم ، فلم يكن لي منه نصيب ، فأصبحت صورة هذه العجوز في مخيلتي ، وأمام عيني ، ومن حولي ، وفي كل مكان من غرفتي ، يا الله ، ما ذا أصابني ، ثم عدت أرسل الفكر والتأمل في نفسي وحياتي ، وشبابي وصلابة عودي ، وقوتي وفتوتي ،
كيف أبدد هذه النعمة في معصيةِ اهبها ، وهذه العجوز ، التي جلست على حافة القبر ، تتهجد وهي جالسة ، تعبت من الوقوف ، لا شك بأنها تحب أن تصلي وهي واقفة ، فما الذي منعها ، انه الكبر والهرم ، إذا لا شك إنها تتمنى أنها في شبابي ، وأنا أضيع هذا الشباب ، ثم من يضمن لي أن أعيش
حتى ابلغ ما بلغت من العمر ، فسرحت في تأملات ، خالطها صوت المؤذن وهو ينادي لصلاة الفجر ( الصلاة خير من النوم ) قلت أين النوم ، الأمر أعظم من النوم ، القضية مفترق طريق ، ولا بد أن أتخذ
قرارا سريعا ، فسألت الله عز وجل أن يعينني ، فإذا بي أشم رائحة التوبة ، سبحان الله وأذوق طعمها ، إذابقلبي يخضع لوابل الرحمة فتتفجر منه أنهار الأيمان ( وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ) ، فشعرت كأنني أولد من جديد ، فخرجت إلى المسجد ، وكنت أول الداخلين من المصلين بعد المؤذن ، فصليت سنة الفجر ، وتناولت المصحف ، وشرعت اتلوا آياته ، وأتأملها ، فإذا بها تخاطبني ، وتواسيني ، وتزيل عني هموم الذنوب والخطايا ، بسعة رحمة رب البرايا ، فما زلت كذلك ، فإذا بيد تمتد نحوي لتصافحني ، فمددت يدي ، ونظرت إلى صاحبها ، فإذا به والدي رحمه الله رحمةً واسعة ، وكان كل شيء يتوقعه مني ، إلا أن
يجد ني في المسجد ، فنظر إلي نظرة لا تغيب عني أبدا ، نظرة لا أستطيع وصفها ، بها كل الأحاسيس والمشاعر مختلطة ، احتضنتها عبرة جاشت في فؤاده رحمه الله ، فارتمت على آثارها المدامع فوق خديه ، وكأن لسان حاله يقول :
سبحان من فتق القلوب أنارها
بمحاسن التقوى جلى أبصارها
ما كنت أحسب أن مثلك يهتدي
أم أن يميز ليلها ونهارها
فلطا لما قد جئت نحوك ناصحا
أن تعرف الأصحاب كي تختارها
أن تتركن الملهيات جميعها
أعوادها أقواسها أوتارها
فنظرت نحوى عاتبا مستكثرا
أني أريك طريقها ومسارها
فلكم رأيتك بالعون مخاطبا
إياي أن دعني ترى أسرارها
أسرار هذا الفن يا أبتاه لن
يدركه إلا من يغوص بحارها
فذهي مخاطبة المشاعر بيننا
إني لأعلم سرها وجهارها
سبحان من غسل الفؤاد من الهوى
وأزال عن أم الذنوب غبارها
ولدي أحبك هكذا متوجها
دعني أرى التقوى أرى آثارها
ولدي أحبك باكيا متذللا
لله نفسك تشتكيه عثارها
ولدي أحبك صائما ومصليا
ومن البرية قد صحبت خيارها
ولدي أحبك زاد حبك بعدما
تتلوا من السور الكرام قصارها
أبكي لأني قد رأيتك تهتدي
بعد لغناء مرددا أذكارها
حتى اعتزل الفن لان هذا فخر له ...
(انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)
فهذا هو كان فنان فأصبح امام مسجد وخطيب وقارئ على الناس
(اللهم اهدنا فيمن هديت)
آمـــــــــــــــيــــــــــــن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحابته أجمعين ،
سبحان من بيده مفاتيح القلوب ، الذي قلوب العباد بين اصبعيه يقلبها كيف يشاء ، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، و يا مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك ،
بعد ليلة طويلة ، قضيتها مع أصحاب السوء ، مع المثقلين بالسيئات ، المبعدين عن الطاعات ، قضيتها معهم باللو ، والسهر والغناء ، وديدن رتيب ممل مضحك مبكي ، يشعر العاقل في خضمه أنه لا قيمة له
، ولا حاجة اليه ، كل ليلة على هذا المنوال ، فلما تدحرجت عقارب الساعة ، واستقرت على ضفاف الهزيع الاخير من الليل ، ركبت سيارتي وعدت الى المنزل ، فكانت الساعة وقتئذ تشير الى الثالثة بعد منتصف الليل ، فتحت باب المنزل ودخلت ، فاذا بجدتي يرحمها الله ، قد افترشت سجادتها ، في ناحية
من البيت ، ومضت في صلوات كثيرة وطويلة ، لم أحص لها عدا ، إلا أنني أذكر أنها كانت تصلي وهي جالسة ، فقد تعبت من الوقوف ، فآثرت الوقوف بين يدي الرؤوف عنالوقوف ، فاستمرت في صلاتها قاعدة ، فاستوقفتني لحظات الرحمة والتوفيق ، من الغفور الرحيم لأقف أنظر اليها وهي تصلي ، غير عابئة بالنائمين ، ولا مكترثة بالداخلين والخارجين ، فأحسست من تلك اللحظة ، بشيء غريب ينتابني ، وكأن شيئا ما سيحدث في حياتي ، ثم دخلت غرفتي ، حاولت النوم ، فلم يكن لي منه نصيب ، فأصبحت صورة هذه العجوز في مخيلتي ، وأمام عيني ، ومن حولي ، وفي كل مكان من غرفتي ، يا الله ، ما ذا أصابني ، ثم عدت أرسل الفكر والتأمل في نفسي وحياتي ، وشبابي وصلابة عودي ، وقوتي وفتوتي ،
كيف أبدد هذه النعمة في معصيةِ اهبها ، وهذه العجوز ، التي جلست على حافة القبر ، تتهجد وهي جالسة ، تعبت من الوقوف ، لا شك بأنها تحب أن تصلي وهي واقفة ، فما الذي منعها ، انه الكبر والهرم ، إذا لا شك إنها تتمنى أنها في شبابي ، وأنا أضيع هذا الشباب ، ثم من يضمن لي أن أعيش
حتى ابلغ ما بلغت من العمر ، فسرحت في تأملات ، خالطها صوت المؤذن وهو ينادي لصلاة الفجر ( الصلاة خير من النوم ) قلت أين النوم ، الأمر أعظم من النوم ، القضية مفترق طريق ، ولا بد أن أتخذ
قرارا سريعا ، فسألت الله عز وجل أن يعينني ، فإذا بي أشم رائحة التوبة ، سبحان الله وأذوق طعمها ، إذابقلبي يخضع لوابل الرحمة فتتفجر منه أنهار الأيمان ( وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ) ، فشعرت كأنني أولد من جديد ، فخرجت إلى المسجد ، وكنت أول الداخلين من المصلين بعد المؤذن ، فصليت سنة الفجر ، وتناولت المصحف ، وشرعت اتلوا آياته ، وأتأملها ، فإذا بها تخاطبني ، وتواسيني ، وتزيل عني هموم الذنوب والخطايا ، بسعة رحمة رب البرايا ، فما زلت كذلك ، فإذا بيد تمتد نحوي لتصافحني ، فمددت يدي ، ونظرت إلى صاحبها ، فإذا به والدي رحمه الله رحمةً واسعة ، وكان كل شيء يتوقعه مني ، إلا أن
يجد ني في المسجد ، فنظر إلي نظرة لا تغيب عني أبدا ، نظرة لا أستطيع وصفها ، بها كل الأحاسيس والمشاعر مختلطة ، احتضنتها عبرة جاشت في فؤاده رحمه الله ، فارتمت على آثارها المدامع فوق خديه ، وكأن لسان حاله يقول :
سبحان من فتق القلوب أنارها
بمحاسن التقوى جلى أبصارها
ما كنت أحسب أن مثلك يهتدي
أم أن يميز ليلها ونهارها
فلطا لما قد جئت نحوك ناصحا
أن تعرف الأصحاب كي تختارها
أن تتركن الملهيات جميعها
أعوادها أقواسها أوتارها
فنظرت نحوى عاتبا مستكثرا
أني أريك طريقها ومسارها
فلكم رأيتك بالعون مخاطبا
إياي أن دعني ترى أسرارها
أسرار هذا الفن يا أبتاه لن
يدركه إلا من يغوص بحارها
فذهي مخاطبة المشاعر بيننا
إني لأعلم سرها وجهارها
سبحان من غسل الفؤاد من الهوى
وأزال عن أم الذنوب غبارها
ولدي أحبك هكذا متوجها
دعني أرى التقوى أرى آثارها
ولدي أحبك باكيا متذللا
لله نفسك تشتكيه عثارها
ولدي أحبك صائما ومصليا
ومن البرية قد صحبت خيارها
ولدي أحبك زاد حبك بعدما
تتلوا من السور الكرام قصارها
أبكي لأني قد رأيتك تهتدي
بعد لغناء مرددا أذكارها
حتى اعتزل الفن لان هذا فخر له ...
(انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)
فهذا هو كان فنان فأصبح امام مسجد وخطيب وقارئ على الناس
(اللهم اهدنا فيمن هديت)
آمـــــــــــــــيــــــــــــن