أحزان... من كأس الليل

أيها الرجل الحزين‏

كبحر.. بعد العاصفة.‏

أيها التعيس كأم...‏

لم يرجع ابنها.. من الحرب.‏

.. لقد سلكتَ‏

في كثير.. من الدروب،‏

وارتقيتَ شعاباً صعبة‏

في الجبال...‏

أيها الرجل المجروح‏

كأغنية تكاد أن تنتهي‏

.. أيها الخائب .. كفلاح‏

لم تمطر غيمته...‏

لقد عانقتَ الأمواج‏

في أعالي البحار...‏

وضِعْتَ في القطارات‏

بين السكك التي لاتنتهي‏

والغابات التي تدفن الأسرار...‏

... ألا قل لي‏

أيها الرجل الحزين...‏

هل تسلقتَ مرة‏

حبلاً من الهواء؟‏

وهل تصورت يوماً‏

كيف يمكن أن تسير‏

فوق ذؤابات الضباب..‏

وهل ملأت قدحك‏

ذات ليلة...‏

من كاس العتمة؟‏

في هذا الزمن..‏

بات حليب الأطفال‏

مسموماً بروائح الصفيح العطنة‏

أما أنت‏

فقد رضعتَ حتى الثمالة‏

من ثدي أمك...‏

فأية ذكريات مريرة...‏

تحملها في رأسك...‏

عن زمن الفطام؟‏

... لقد كبرتَ‏

أيها الرجل المشروخ‏

كسماء يقصفها الرعد..‏

وذاق فمك ...‏

طعم التراب...‏

وعرف نكهة اللوز والتفاح..‏

وتكاد مرارة الأشياء‏

أن تجعلها جميعاً‏

بطعم الحنظل...فلماذا ترجع.. إذن..‏

إلى زمن الفطام‏

وعمّ تلوب باحثاً،‏

في الطريق المسدودة؟‏


أيها الرجل الضائع‏

في جزر الخضرة ..‏

لماذا سرت‏

باتجاه الشواطئ التي تشهد غروب الشمس؟‏

... لماذا لم تحمل‏

منديلاً في يدك..‏

وأنت ترى السفن تقلع؟‏

لقد هبط الليل‏

وأنت.. في مطرحك...‏

تنتظر ضوءاً ...‏

قد لايطلع...‏

وتبحث عن مركب ...‏

ربما هاجر ..‏

منذ أيام‏

أيها الرجال اللاهث‏

وراء شمس‏

تتوارى خلف الجذوع‏

على يسار الطريق،‏

مثل أطفال‏

يعابثون الظلمة‏

أول المساء...‏

..أيها التائه‏

كضرير .. بلاعصا ...‏

انتظر قليلاً‏

حتى الصباح...‏

واتجه ...نحو الشرق‏

فمن هناك‏

تشرق الشمس الحقيقية‏

ويبزغ الفجر..‏