حَيَاةٌ تُشْبِهُ الجَنَّة
" فلنحيينه حياة طيبة "
إعداد
عادل عبدالله هندي
1429هـ - 2008م
مقدمة وتمهيد:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على الإسلام، والحمد لله على الإيمان، والحمد لله على القرآن، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الديان، وصلاةً وسلاماً على المصطفى رسول الأنام، وبعــــــد :
أحبتي الكرام: يا أحباب الله، وأحباب رسول الله -:
أهلا وسهلا والسلام عليكمُ وتحيــة منى تــُـزف إليكـــمُ
أحبابي ما أجمـل الدنيا بكمُ لا تقبــح الدنيـا وفيهـا أنتــمُ
قابلت أحد أصحابي يوما فرأيته مهموما مغموما وكأنه يحمل الدنيا كلها فوق رأسه - وعلمت أن هذا هو حال كثير من الناس حتى صار الناس جميعا بمثل حاله ولو لجئوا إلى الله - تعالى - لتلذذوا بالدنيا وعاشوا فى جنتها ..،
أخي فى الله :
· أناديك اليوم لأقول لك ، ولكل من يسمع ويعقل ..
· إلى كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ...
يا عشاق الجنة :
إليكم : يا من تريدون جنة الآخرة ، لن يسمح لكم بدخول هذه الجنة إلا إذا دخلتم جنة الدنيا ، وجنة الدنيا رائحتها زكية ، وجذورها ثابتة كثبات الموحدين، وقطوفها دانية، وها هى تسبح بين يديك وأمام عينيك ، فهلا دخلتها اليوم وكل يوم ، أمامك الفرصة .
أحبتي فى الله :
إلى جنة غابت عن أنظار الناس فى الدنيا .
جنة من لم يدخلها لم ولن يدخل جنة الآخرة .
* فما أحلى الحياة : فى نيل رضا الله :
لأنه بدون رضا الله يحصل غضب من الله، لا ينال العبد من الحياة شئ ولا ينال من الآخرة ثواب ، ومن يغضب عليه الله يسقط فى الهاوية ويصل بالانحدار إلى الأرض والطين ولن يصل لِـما يريد لأن الله غضب عليه.
{وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (طه:81)
* ما أحلى الحياة : فى الإيمان بالله ،ومن آمن به آواه ، ومن آمن به نجاه .
وكما كان يقول علماء القلوب : من اعتمد على نفسه ذل ، ومن اعتمد على ماله قل ، ومن اعتمد على عقله ضل ، ومن اعتمد على الله فلا كلَّ ولا ذل َّ ولا اختل .
والسؤال:
هل يوجد أحد آمن به ولم يؤوه أو ينجيه أو يذيقه طعم الحياة ولذتها؟!
لا أحد .. لأنه هو الله الذي يعطى ولا يمنع عن عبده فهو صاحب الفضل والعطاء.
حديثنا : عن الحياة المطمئنة التي لا تتحقق فى الآخرة إلا إذا تحققت فى الدنيا .
حديثنا: عن الحياة التي تشبه الجنة، وقد قال عنها أحد السلف يوما : ــ
" لو كان أهل الجنة فى مثل ما نحن فيه من طاعة ورضا وحلاوة فى الحياة ولذة فيها فإنهم على خير كبيـر " .
أحبتي فى الله :
إن للمسلم عمران : عمر يقاس بالسنين والشهور ، وعمر آخر يقاس باللحظات ، أما العمر الأول الذي يقاس بالسنين والشهور : يعيشه كل الناس حتى الكفار والحيوانات ، أما العمر الآخر : فهو عمر الإيمان ، الذي هو ربما تزيل الساعة منه شيئا من أعمار كثير منا عند الله عز وجل .
وحديثنا عن العمر الثاني :عن عمر الإيمان فى قلب كل منا ، عن مساحة الإيمان فى قلب كل فرد منا، ذلكم العمر : الذي ربما تمر آجال كثير منا ولم يعش منه إلا أياما قلائل، مع أنه هو الأصل .. هو الحياة، ما عداه حياة يشترك فيها كل مخلوق، يشترك فيها المسلم والكافر وجميع الدواب والبهائم.
أمَّـا الحياة الحقيقية فهى الإيمان والاطمئنان : ــ
ومن أراد جنة الآخرة فعليه أولاً : أن يدخل جنة الدنيا ،
قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ( النحل : 97 )
* * يقول ابن تيمية – يرحمه الله - : "إن فى الدنيا جنة من لم يدخلها فلن يدخل جنة الآخرة ، قيل ما هى يا إمام ؟ قال : إنها جنة الإيمان " .
وعن لذة الإيمان: يقول إبراهيم بن أدهم : " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف " .
ويقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم- فى رواية مسلم: " ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا " .
♠ نعم إنها حياة تشبه الجنة : ــ
قال عنها ربنا : { يَا أَيُّهَـا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُــــم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (الأنفال : 24 ) .
وأنا لا أعنى بالإيمان الذي نريده : - أركانه ومعانيه اللفظية والعلمية ، إنما أعنى : ــ لذته القلبية والنفسية التي تتحقق الحياة الحقيقية به مع النتاج الإنساني الأخلاقي ، فإن للإيمان لذة : لو أراد من عاشها أن يحكيها ويصفها واستخدم ما شاء من مفردات اللغة ما استطاع أن يصفها أو أن يصف أجمل ما فيها .، وأجمل ما قيل فى هذا المعنى وذلك الوصف : ــ
ما قاله عبد الله بن المبارك : ــ إني لتمر علىَّ الساعة أقول فيها : " لو أنَّ أهل الجنة على ما أنا فيه من نعيم وسعادة إنهم لفي عيش طيب " .
يا الله :
لا يجد ما يوازى هذه اللذة فى الدنيا إلا لذَّة الجنة ، إلا نعيم الجنة الذي لم يدخله بعد ولم يحياه ، إنه لا يجد مثيلا للذة الإيمان إلا لذة الجنة .
أما اليوم :
فالدنيا ملئت بالفتن والأهواء ، وطاشت العقول والأفكار ، وكثرت اللَّـذات ، والأماني الزائلة والفانية، وسيطرت الأماني على الناس وهم يبحثون عن اللذة والمتعة فى الدنيا حتى جعلوها سوقا للمتعة واللذة ، ونسوا أن المتعة فى الدنيا فى جنتها التي يجب أن يعيشوها جميعا ليصلوا إلى الإيمان والجنة، وخروجا من اللذات الفانية ، إلى اللذائذ الباقية .
نقول إخواني فى الله : ــ
إن هذا النعيم والمتعة كلنا عشناها لكن بنسبٍ مختلفة وفى أوقات مختلفة كل منا : له خطة من الحياة الإيمانية حسبما أفاء الله عليه وأنعم .
مثلا : ــ
♠ هل تذكر يوم كنت صائما واقترب أذان المغرب وأحسست بسعادة عارمة أنك أطعت الله عز وجل سائر هذا اليوم .؟
♠ هل تذكر ساعة ختم القرآن . ؟
♠ هل تذكر ساعة قمت من الليل وأنت تود القرب من ربك فصليت ركعتين بكت عيناك منهم فمسحت ذنوب قلبك وجوارحك .؟
♠ هل تذكر ساعة أن ذكرت الله خاليا ففاضت عيناك شوقا للمغفرة.؟
♠ أو يوم تعبت من عمل لله ثم أحسست بلذته فى قلبك . ؟
♠ هل تذكر ساعة جلست فى المسجد وحدك تتلو القرآن واستنشقت عبير الجنة وفى بيت الله . ؟
♠ هل تذكر ساعة أن تذكرت الجنة فكاد قلبك أن ينخلع شوقا إليها من مكانه .؟
♠ هل تذكر ساعة أن تذكرت النار فكاد قلبك أن ينخلع من مكانه خوفا منها .؟
♠ هل تذكر لحظة أدخلت السرور على قلب والديك أو أحدهما ، فدعيا لك بخير فطربت لدعائهما ؟
♠ هل تذكر لحظة سماعك لموعظةٍ ما ، فرقَّ لها قلبك ، واهتزَّ من رِقَّتها ، فنزل مع الهزة دموع مرَّ عليها سنوات طوال لم تنزل . ؟
♠ هل تذكر يوم تخيلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته يضحكون ، ويمرحون ويتزاورون فخفق قلبك شوقا لأن تكون بينهم ؟.
♠ هل تذكر ساعة أن مسحت على رأس مسكين أو عدت مريضا أو زرت قبرا أو دعوت لمسلم بظهر الغيب من خالص قلبك ؟
♠ هل تذكر ..... هل تذكر ..... هل تذكر... ؟ !
لحظات إيمانية جميلة فارقة ، وأقول لحظات !: لأنها أوقات خاطفة فى حياة كل منا ، إلا من اعتاد عليها سائر حياته حتى أصبحت هى الأصل عنده ،
أقول هذه اللحظات هى الأعمار الإيمانية فى حياة كل منا ، وهى الأمتع والأجمل والأروع فى حياة الإنسان من أولها إلى آخرها .
وسيأتي زمان على كل منا ووقت ما سيتحسر على فوات هذه اللحظات ، وأن لو كان قد أكثر منها وزاد .
" صحابي يحتضر ويتندم مع ما فعل من الطاعات "
ذلكم صحابي احتضر قبل موته فسمعوه يقول :
" ليته كان بعيدا ، ليته كان جديدا ، ليته كان كله " ، فلما خُـفّـِف عنه : قالوا له ماذا كنت تقول ؟ : قال : تذكرت يوم أن تصدقت بنصف رغيف على مسكين فلما مُـثِّـل لى أجرى جزاء عملي تمنيت أن لو كان كله ......
وتذكرت يوم أن كنت بعيدا عن المسجد أسكن فاشتريت بيتا قريبا من المسجد فلما مثل لى أجرى الذي كان يكتب لى مع بُعدى عن المسجد تمنيت أن لو كان بعيدا.
وتذكرت يوم أن تصدقت بثوب قديم على مسكين ، فلما مثل لى أجرى تمنيت أن لو كان الثوب الذي تصدقت به هو الجديد وادخرت القديم لنفسي..
لِــمَ ؟ :
لأنَّ الحياة القصيرة الإيمانية فى عمر كل منا حياة لا تعوض .
حياة يتمنى المرء بعدها حتى وهو فى الجنة أن لو كان قد استزاد منها .
كما جاء فى الحديث : " ما ندم أهل الجنـة على شئ أشد من ندمهم علـى ساعة مـرت بهم لم يذكـر الله - عز وجلَّ - فيها ".
" فلنحيينه حياة طيبة "
إعداد
عادل عبدالله هندي
1429هـ - 2008م
مقدمة وتمهيد:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على الإسلام، والحمد لله على الإيمان، والحمد لله على القرآن، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الديان، وصلاةً وسلاماً على المصطفى رسول الأنام، وبعــــــد :
أحبتي الكرام: يا أحباب الله، وأحباب رسول الله -:
أهلا وسهلا والسلام عليكمُ وتحيــة منى تــُـزف إليكـــمُ
أحبابي ما أجمـل الدنيا بكمُ لا تقبــح الدنيـا وفيهـا أنتــمُ
قابلت أحد أصحابي يوما فرأيته مهموما مغموما وكأنه يحمل الدنيا كلها فوق رأسه - وعلمت أن هذا هو حال كثير من الناس حتى صار الناس جميعا بمثل حاله ولو لجئوا إلى الله - تعالى - لتلذذوا بالدنيا وعاشوا فى جنتها ..،
أخي فى الله :
· أناديك اليوم لأقول لك ، ولكل من يسمع ويعقل ..
· إلى كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ...
يا عشاق الجنة :
إليكم : يا من تريدون جنة الآخرة ، لن يسمح لكم بدخول هذه الجنة إلا إذا دخلتم جنة الدنيا ، وجنة الدنيا رائحتها زكية ، وجذورها ثابتة كثبات الموحدين، وقطوفها دانية، وها هى تسبح بين يديك وأمام عينيك ، فهلا دخلتها اليوم وكل يوم ، أمامك الفرصة .
أحبتي فى الله :
إلى جنة غابت عن أنظار الناس فى الدنيا .
جنة من لم يدخلها لم ولن يدخل جنة الآخرة .
* فما أحلى الحياة : فى نيل رضا الله :
لأنه بدون رضا الله يحصل غضب من الله، لا ينال العبد من الحياة شئ ولا ينال من الآخرة ثواب ، ومن يغضب عليه الله يسقط فى الهاوية ويصل بالانحدار إلى الأرض والطين ولن يصل لِـما يريد لأن الله غضب عليه.
{وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (طه:81)
* ما أحلى الحياة : فى الإيمان بالله ،ومن آمن به آواه ، ومن آمن به نجاه .
وكما كان يقول علماء القلوب : من اعتمد على نفسه ذل ، ومن اعتمد على ماله قل ، ومن اعتمد على عقله ضل ، ومن اعتمد على الله فلا كلَّ ولا ذل َّ ولا اختل .
والسؤال:
هل يوجد أحد آمن به ولم يؤوه أو ينجيه أو يذيقه طعم الحياة ولذتها؟!
لا أحد .. لأنه هو الله الذي يعطى ولا يمنع عن عبده فهو صاحب الفضل والعطاء.
حديثنا : عن الحياة المطمئنة التي لا تتحقق فى الآخرة إلا إذا تحققت فى الدنيا .
حديثنا: عن الحياة التي تشبه الجنة، وقد قال عنها أحد السلف يوما : ــ
" لو كان أهل الجنة فى مثل ما نحن فيه من طاعة ورضا وحلاوة فى الحياة ولذة فيها فإنهم على خير كبيـر " .
أحبتي فى الله :
إن للمسلم عمران : عمر يقاس بالسنين والشهور ، وعمر آخر يقاس باللحظات ، أما العمر الأول الذي يقاس بالسنين والشهور : يعيشه كل الناس حتى الكفار والحيوانات ، أما العمر الآخر : فهو عمر الإيمان ، الذي هو ربما تزيل الساعة منه شيئا من أعمار كثير منا عند الله عز وجل .
وحديثنا عن العمر الثاني :عن عمر الإيمان فى قلب كل منا ، عن مساحة الإيمان فى قلب كل فرد منا، ذلكم العمر : الذي ربما تمر آجال كثير منا ولم يعش منه إلا أياما قلائل، مع أنه هو الأصل .. هو الحياة، ما عداه حياة يشترك فيها كل مخلوق، يشترك فيها المسلم والكافر وجميع الدواب والبهائم.
أمَّـا الحياة الحقيقية فهى الإيمان والاطمئنان : ــ
ومن أراد جنة الآخرة فعليه أولاً : أن يدخل جنة الدنيا ،
قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ( النحل : 97 )
* * يقول ابن تيمية – يرحمه الله - : "إن فى الدنيا جنة من لم يدخلها فلن يدخل جنة الآخرة ، قيل ما هى يا إمام ؟ قال : إنها جنة الإيمان " .
وعن لذة الإيمان: يقول إبراهيم بن أدهم : " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف " .
ويقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم- فى رواية مسلم: " ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا " .
♠ نعم إنها حياة تشبه الجنة : ــ
قال عنها ربنا : { يَا أَيُّهَـا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُــــم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (الأنفال : 24 ) .
وأنا لا أعنى بالإيمان الذي نريده : - أركانه ومعانيه اللفظية والعلمية ، إنما أعنى : ــ لذته القلبية والنفسية التي تتحقق الحياة الحقيقية به مع النتاج الإنساني الأخلاقي ، فإن للإيمان لذة : لو أراد من عاشها أن يحكيها ويصفها واستخدم ما شاء من مفردات اللغة ما استطاع أن يصفها أو أن يصف أجمل ما فيها .، وأجمل ما قيل فى هذا المعنى وذلك الوصف : ــ
ما قاله عبد الله بن المبارك : ــ إني لتمر علىَّ الساعة أقول فيها : " لو أنَّ أهل الجنة على ما أنا فيه من نعيم وسعادة إنهم لفي عيش طيب " .
يا الله :
لا يجد ما يوازى هذه اللذة فى الدنيا إلا لذَّة الجنة ، إلا نعيم الجنة الذي لم يدخله بعد ولم يحياه ، إنه لا يجد مثيلا للذة الإيمان إلا لذة الجنة .
أما اليوم :
فالدنيا ملئت بالفتن والأهواء ، وطاشت العقول والأفكار ، وكثرت اللَّـذات ، والأماني الزائلة والفانية، وسيطرت الأماني على الناس وهم يبحثون عن اللذة والمتعة فى الدنيا حتى جعلوها سوقا للمتعة واللذة ، ونسوا أن المتعة فى الدنيا فى جنتها التي يجب أن يعيشوها جميعا ليصلوا إلى الإيمان والجنة، وخروجا من اللذات الفانية ، إلى اللذائذ الباقية .
نقول إخواني فى الله : ــ
إن هذا النعيم والمتعة كلنا عشناها لكن بنسبٍ مختلفة وفى أوقات مختلفة كل منا : له خطة من الحياة الإيمانية حسبما أفاء الله عليه وأنعم .
مثلا : ــ
♠ هل تذكر يوم كنت صائما واقترب أذان المغرب وأحسست بسعادة عارمة أنك أطعت الله عز وجل سائر هذا اليوم .؟
♠ هل تذكر ساعة ختم القرآن . ؟
♠ هل تذكر ساعة قمت من الليل وأنت تود القرب من ربك فصليت ركعتين بكت عيناك منهم فمسحت ذنوب قلبك وجوارحك .؟
♠ هل تذكر ساعة أن ذكرت الله خاليا ففاضت عيناك شوقا للمغفرة.؟
♠ أو يوم تعبت من عمل لله ثم أحسست بلذته فى قلبك . ؟
♠ هل تذكر ساعة جلست فى المسجد وحدك تتلو القرآن واستنشقت عبير الجنة وفى بيت الله . ؟
♠ هل تذكر ساعة أن تذكرت الجنة فكاد قلبك أن ينخلع شوقا إليها من مكانه .؟
♠ هل تذكر ساعة أن تذكرت النار فكاد قلبك أن ينخلع من مكانه خوفا منها .؟
♠ هل تذكر لحظة أدخلت السرور على قلب والديك أو أحدهما ، فدعيا لك بخير فطربت لدعائهما ؟
♠ هل تذكر لحظة سماعك لموعظةٍ ما ، فرقَّ لها قلبك ، واهتزَّ من رِقَّتها ، فنزل مع الهزة دموع مرَّ عليها سنوات طوال لم تنزل . ؟
♠ هل تذكر يوم تخيلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته يضحكون ، ويمرحون ويتزاورون فخفق قلبك شوقا لأن تكون بينهم ؟.
♠ هل تذكر ساعة أن مسحت على رأس مسكين أو عدت مريضا أو زرت قبرا أو دعوت لمسلم بظهر الغيب من خالص قلبك ؟
♠ هل تذكر ..... هل تذكر ..... هل تذكر... ؟ !
لحظات إيمانية جميلة فارقة ، وأقول لحظات !: لأنها أوقات خاطفة فى حياة كل منا ، إلا من اعتاد عليها سائر حياته حتى أصبحت هى الأصل عنده ،
أقول هذه اللحظات هى الأعمار الإيمانية فى حياة كل منا ، وهى الأمتع والأجمل والأروع فى حياة الإنسان من أولها إلى آخرها .
وسيأتي زمان على كل منا ووقت ما سيتحسر على فوات هذه اللحظات ، وأن لو كان قد أكثر منها وزاد .
" صحابي يحتضر ويتندم مع ما فعل من الطاعات "
ذلكم صحابي احتضر قبل موته فسمعوه يقول :
" ليته كان بعيدا ، ليته كان جديدا ، ليته كان كله " ، فلما خُـفّـِف عنه : قالوا له ماذا كنت تقول ؟ : قال : تذكرت يوم أن تصدقت بنصف رغيف على مسكين فلما مُـثِّـل لى أجرى جزاء عملي تمنيت أن لو كان كله ......
وتذكرت يوم أن كنت بعيدا عن المسجد أسكن فاشتريت بيتا قريبا من المسجد فلما مثل لى أجرى الذي كان يكتب لى مع بُعدى عن المسجد تمنيت أن لو كان بعيدا.
وتذكرت يوم أن تصدقت بثوب قديم على مسكين ، فلما مثل لى أجرى تمنيت أن لو كان الثوب الذي تصدقت به هو الجديد وادخرت القديم لنفسي..
لِــمَ ؟ :
لأنَّ الحياة القصيرة الإيمانية فى عمر كل منا حياة لا تعوض .
حياة يتمنى المرء بعدها حتى وهو فى الجنة أن لو كان قد استزاد منها .
كما جاء فى الحديث : " ما ندم أهل الجنـة على شئ أشد من ندمهم علـى ساعة مـرت بهم لم يذكـر الله - عز وجلَّ - فيها ".