هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    أنشودة الجسم الحجريّ

    avatar
    RAMI
    مشرف منتدى عالم الرياضة والرياضيين و مراقب منتدى برامج الكمبيوتر والحواسب
    مشرف منتدى عالم الرياضة والرياضيين و مراقب منتدى برامج الكمبيوتر والحواسب


    عدد الرسائل : 438
    العمر : 100
    تاريخ التسجيل : 04/05/2008

    أنشودة الجسم الحجريّ Empty أنشودة الجسم الحجريّ

    مُساهمة  RAMI 19/5/2008, 06:17

    ما الذي يمتلكُ الروحَ؟‏

    وهل كانَ الفتى من حجرٍ حقّاً؟‏

    وكيفَ امتلكتهُ، وحدهُ، أنثى الحجرْ؟‏

    ما الذي تفعلهُ أنثاهُ في صمتٍ،‏

    فينحلُّ شعاعاً من حجرْ؟‏

    جسمها يقطر بالماءٍ، وللينبوعِ في الثديين عروهْ‏

    غيمةٌ تهطلُ، ناقوسُ ندى، قبةُ شهوهْ..‏

    نخلةٌ يثقلها الطلُّ، إذا توجها إكليلُ شمسٍ ومطرْ!‏

    جسمها من لغةٍ في حجرٍ للسالفينْ‏

    دونتهُ هجرةٌ أولى، وهجرهْ..‏

    هجرةٌ واضحةٌ، غامضةٌ، مختلفهْ..‏

    وانتمى بالشكِ وجهٌ لليقينْ‏

    نبذتهُ، جذبتهُ المعرفهْ‏

    وانتهى أرضاً وفكرهْ‏

    بينما يستكشفُ الجسمُ رمادهْ!‏

    *‏

    هكذا يبتكرُ الفخذانِ أقواساً من الشهوةِ،‏

    حلّتْ، ونأتْ، واضطربتْ مؤتلفهْ..‏

    كيف لا تحلو الولادهْ!‏

    كائنٌ يلبسُ آخرْ‏

    ينحني، يأوي إليهِ الماءُ، ينمو، يتكاثرْ...‏

    أهو الجسمُ أم الماءُ؟‏

    دمٌ أمْ شرنقهْ؟‏

    تلتقي الأنهارُ والأفكارُ فيهِ، وسلالاتُ فروعٍ وينابيعُ..‏

    برايا وفجاجْ..‏

    وبذورٌ وطيورٌ ومصابيحُ وأختامُ ترابٍ وزجاجْ...‏

    معبدٌ، أعمدةٌ، أجنحةٌ، نورٌ، قبابٌ، أروقهْ...‏

    أهوَ الماءُ الذي صار كثيراً‏

    بعد أن كانَ وحيداً وصغيراً!‏

    أهو الماء أم الجسمُ،‏

    وفيهِ ملتقى من زخرفٍ أو من ذهبْ‏

    لم يزلْ يرعى بنيهِ!‏

    هل أكنّيهِ بأرضٍ عسلتْ سرتُها خضراءَ،‏

    أو كوّرتِ الثديين من قمحٍ‏

    وبطناً من زبيبٍ أو رطبْ!‏

    هل أكنيهِ؟ أكنّي أمّةً محترقهْ!‏

    *‏

    أهو الجسمُ أم الفكرةُ؟‏

    آهٍ، هذه مائدةٌ للماءٍ كانتْ،‏

    واستوتْ، وابتكرتْ من واحدٍ أو واحدهْ!‏

    ثمّ رقَّ الجسمُ كالماءٍ، جرى بين اليدينْ!‏

    فجواتٌ واحتمالاتُ، إشاراتٌ وتجريبٌ، بياضٌ وتخومْ..‏

    ثم شفَّ الجسمُ عن أرضٍ، عن الأرضِ التي شفتْ جسومْ‏

    وجرتْ كلُّ المياهْ‏

    واهتدى غيثٌ إلى فرجِ الحياهْ‏

    بين ثديينِ وفخذينِ وساقينِ ونارٍ خالدهْ!‏

    علّهُ يغسلُ ماءَ القدمينْ!‏

    ***‏

    أهو الجسمُ أم الكرمةُ؟‏

    فيها أتأمتْ كلُّ الكرومْ!‏

    كرمةٌ أخصبها قطفٌ، تجلتْ في قمرِ‏

    وهي من مملكةِ الينبوعِ، من روحِ النهرْ..‏

    كم نمتْ في حجرِ الروحِ، وكم صلى لعينيها، لثدييها،‏

    رعاةٌ وبداةٌ ودراويشُ.. وغنى حالمونْ‏



    ووحوشٌ وبغاةٌ وطغاةٌ طيبونْ!‏

    وأراها.. شرّقتْ، أو غرّبتْ.. بعد غياب وسفرْ!‏

    كرمةٌ تنضجُ، إذ أسقتْ نديماً، وأوتْ في دمهِ،‏

    تسلمهُ الروحَ، ولما تغتصبْ!‏

    تفضحُ العنقودَ في برهةِ سكرٍ،‏

    وهي من نسلِ العنبْ!‏

    آهٍ من برهةٍ سكرٍ ولهبْ!‏

    آهِ من نارِ الحقبْ!‏

    آهِ من غيمةِ عريٍ وغيومْ!‏

    كلما ضقتُ بسري نبذتني خمرةٌ،‏

    تشربني بين هدوءٍ وغضبْ!‏

    وأنا أصغي إلى الجسم الذي يسكنهُ غيري،‏

    وبي يقرؤهُ، يكتبهُ فيما كتبْ!‏

    شهوةُ الأعضاءِ للأعضاءِ فيهِ، للتعري، للخصابْ‏

    لم يزلْ يلقحهُ تاريخهُ خلفَ لباسٍ وقناعٍ وخضابٍ وحجابْ!‏



    أيُّ جسمٍ من حجرْ!‏

    أيُّ جسمٍ مثقلٍ، طاغٍ، حنونْ!‏

    وحدهُ يخرجُ من قافلةِ الأنقاضِ أنثى من حجرْ..‏

    وأنا يعصف بي عشقٌ قديمٌ، لا نهائيٌ، مجونْ‏

    وبي الشعرُ انتظارٌ لجنونٍ و جنونْ!‏

    *‏

    كلُّ شيءٍ يجعل الشعر وحيداً، غامضاً، مضطربا:‏

    تاجٌ من الياقوتِ، إيوانٌ من الفضةِ،‏

    ديوانٌ من الرقشِ أو النقشِ،‏

    سماءٌ من قوى حالمةٍ أو غاشمهْ...‏

    كلُّ شيء يجعلُ الشعر بعيداً، ضائعاً بين المداخلْ:‏

    سلطةٌ من حجرٍ تهوي، تماثيلُ، هياكلْ..‏

    غربةُ التشبيهِ والتمثيلِ، تخييلٌ، مجازٌ ومجازْ..‏

    فكرةٌ غائبةٌ، حاضرةٌ، كاملةٌ، منقسمهْ‏

    ودياناتٌ،مصحاتٌ، رساميلُ، بنوكُ‏

    وجماعاتٌ من القمح أو الملحِ، شعوبٌ، جنرالاتٌ،‏

    دراويشُ، بهاليلُ، رعايا وملوكْ..‏

    دولٌ من ورقٍ، أرضٌ من الموتى، وموتُ بامتيازْ!‏



    هذه البرهةُ للشعر إذاً‏

    لما تزلْ دائمةً... للصلبوتْ!‏

    طلعتْ عشتارُ أو مريمُ فيها، وأطلتْ فاطمهْ‏

    وأنا وحدي مع الشعر أغني، كي أموتْ!‏

    *‏

    أهوالشرق الذي يسجنهُ الزخرفُ،‏

    إذ دجنهُ المتحفُ..‏

    هل يفرحُ أم يجزعُ؟ هل يخدعُ أم يخضعُ؟‏

    والشمسُ التي تحفظهُ تملاُ قلبَ الأمكنهْ!‏

    فليكنْ للسحرِ وقتٌ آخرُ‏

    وأنا الغائبُ، وهوالحاضرُ!‏

    لم يزلْ في نينوى مكتبةٌ أولى،‏

    وفي بابلَ مثوى رقمٍ أو جسدٍ..‏

    من دمِ تموزَ أضاءتْ مئذنهْ‏

    واهتدى وجهي إلى وجهِ الحسينْ‏

    وأنا تخفقُ روحي مثلَ عصفور الحجرْ!‏

    وأنا الشاهدُ في برهةِ عشقٍ والشهيدْ!‏

    واهتدى الشرقُ إلى نجمتهِ الأنثى، أوالنجمِ الذكرْ‏

    وتآوينا، تقاربنا معاً، مختلفينْ!‏

    *‏

    أيُّ تاريخٍ أعانيهِ إذاً؟ أيةُ شهوهْ؟‏

    ما الذي يفعلهُ السحرُ؟ وماذا يفعلُ الشعر بنا؟‏

    لابدَّ من موتٍ، ومن بعثٍ قريبٍ أو بعيدْ‏

    وموادُ الروح رخوهْ!‏

    ***‏

    ضاقَ بالمعنى فضاءْ‏

    كلّهُ يحتجبُ‏

    ولدتْ فيهِ عبارهْ‏

    بين رمزٍ وإشارهْ‏

    وانحرافٍ وخفاءْ‍‍!‏

    أيُّ كشف يُستضاءْ‏

    وتضلُّ العربُ!‏

    ما الذي يضطربُ؟‏

    زخرفٌ أم لعِبُ؟‏

    ***‏

    كلُّ أنثى حملتْ من قبلُ، من بعدُ، أراها..‏

    كنتُ في السرِ، أو الجهرِ، فتاها..‏

    لم تزلْ تنجبني في كلّ جسمٍ دنيويّْ‏

    خبرتْ كوكبهُ، أمسِ، فتوحُ الآدميّينَ،‏

    وإشراقاتُ صوفيينَ، أهوالُ محبينَ...‏

    وفيهِ الاحتمالاتُ: فيوضٌ وخيالٌ وتضادٌ وضلالٌ‏

    وعباراتُ حضورٍ، وامتلاءٌ بغيابٍ، وانتشاءْ...‏

    منذ أن حولَّهُ التاريخُ نصّاً للفجيعهْ!‏

    *‏

    أيُّ سحرٍ يجعلُ الجسمَ الذي يتلفُ كالأشياءِ، خبزاً...‏

    ومن المفردِ جمعاً،‏

    ومن الكائنِ رمزاً...‏

    وهو التربةُ والماءُ!‏

    هو الروحُ التي تلبسُ جسمَ الروحِ أو جسمَ الطبيعهْ!‏

    هذه سنبلةٌ تنبضُ، أو تنهضُ،‏

    كانتْ وحدها الخبزَ، وصارتْ كالحياةْ!‏

    لم تزلْ تنضجُ بالمعنى، تُزفُّ الأرضُ فيها للسماءْ!‏

    حلَّ فيها ملتقى الأرزاقِ والأفكارِ،‏

    ميراثُ الجماعاتِ، جنون الشعراءْ!‏

    ***‏

    كيف لا أبتدىءُ التشكيكَ والتفكيكَ من سنبلةٍ أو من حجرْ؟‏

    ما الذي يمتلكُ الروحَ؟‏

    وللشرقِ، الذي يمتلكُ التاريخَ، أنقاضٌ تتوَّجْ!‏

    والفتى من حجرِ يخلو بأنثى من حجرْ!‏

    *‏

    أيها الوقتُ المضرجْ:‏

    ما الذي يبقى لمن يحيا إذاً، كي يُحتضرْ!‏

    *‏

    آهِ، لو أني حجرْ!‏

      الوقت/التاريخ الآن هو 29/4/2024, 04:23